وأما ديانتهم فانهم يسجدون للشمس عند طلوعها، ولا يحرمون شيئا، يأكلون جميع الدواب حتى الكلاب والخنازير وغيرها، ولا يعرفون نكاحا بل المرأة يأتيها غير واحد من الرجال فإذا جاء الولد لا يعرف من أبوه.
هذا وصف لأولئك الذين ابتلى بهم العالم الإسلامي في القرن السابع الهجري، واختص المسلمون بهذا البلاء، ولقد انساب أولئك المغول في الديار الاسلامية حتى فضوا على عاصمة الخلافة قال الأستاذ أنور: لا يعرف الاسلام من بين ما نزل به من الخطوب والويلات خطبا أشد من هؤلاء من غزوات المغول، فقد انسابت جيوش جنكيز خان انسياب الثلوج من قمم الجبال، واكسحت طريقها العواصم الاسلامية، وأتت على كل ما كان لها من مدنية وثقافة، يقول الخميسي في تاريخه في سنة ستة وخمسين وستمائة هجرية: وصل الطاغية هولاكو حفيد جنكيز خان الى بغداد بجيوشه ونزل قائده باجنوس على بغداد من غربها وهولاكو من شرقها، ثم خرج اليه الخليفة العباسي في أعيان الدولة وأكابر الوقت، فضرب المغول رقاب الجميع، وقتل الخليفة وداسوه بالخيل، ودخل التتار المدينة وأقسموها وعمل السيف فيها أربعة وثلاثين يوما وقل من أسلم من سكان المدينة فبلغت القتلى ألف وثمانية مائة نسمة، وقد نهب المغول دار الخلافة لم يبق فيها شيئا، ثم أحرقت بغداد بعد أن قتل أكثر أهلها) انتهى ...
ويقول الأستاذ أبو زهرة رحمه الله أحب أن أشير هنا إشارة عابرة الى الاستيلاء على بغداد قصبة الاسلام، أو تخريبها كما هو التعبير الدقيق، ففي خبرها العبرة ان بغداد لم تبتل فقط بالتتار وهم بلاء في الأرض وشر مستطير، وهم وحدهم كافون لإزالة كل حضارة، وتقويض كل قائم بل ابتليت بغداد بمن فيها، فقد كان فيها اليهود والنصارى قد مالئو التتار، وكاتبوهم وكان فيها من هو أمر وأدهى وهو العلقمي وزير المعتصم آخر خليفة عباسي كان مقيما في بغداد، فإن ذلك الوزير كان شيعيا غالبيا ارتضى لنفسه أن يماليء عبدة الشمس والتتار على عبادة الواحد القهار وخان دينه وخان بلاده، وخان الفضيلة، قد عمل على إضعاف جند بغداد فقد كان فيهما عند توليه مائة ألف جند معهم