للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جعل الهوى وشهوات النفس دينًا يدين به، فإذا جاءه أمر الشارع أخذ منه ما وافق هواه ورأيه وأعرض عما عداه، وكم من فئة وطائفة في زماننا الحاضر ينطبق عليها قول النبي هذا، والذي ينبغي على كل أحد أن يعلمه هو أنه بمقدار اتباع المرء لسنة المصطفى ، يكون فلاحه ونجاته، فالأقوال والأعمال يتوقف قبولها أو ردها على حسب موافقتها لما جاء به النبي ، فما وافق سنة النبي قبل، وما خالفها فهو مردود على قائله وفاعله كائنًا من كان، وفي ذلك يقول: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد".

وإن المعرض عن سنة المصطفى والمخالف لها معرض للعقوبة في الدنيا والآخرة، وذلك بحسب ما يقع منه من إعراض.

فعن سلمة بن الأكوع (١) أن رجلًا أكل عند رسول الله بشماله، فقال: "كل بيمينك"، قال: لا استطيع، قال: "لا استطعت، ما منعه إلا الكبر، قال: فما رفعها إلى فيه" (٢)، فهذه عقوبة دنيوية لهذا الشخص الذي عصى أمر النبي .

وعن عبد الله بن مسعود قال: "قرأ النبي "النجم" فسجد، فما بقي أحد إلا سجد، إلا رجل رأيته أخذ كفًا من حصى فرفعه فسجد عليه وقال: هذا يكفيني، فلقد رأيته بعد قتل كافرًا بالله" (٣)، وهذا الرجل


(١) سلمة بن عمرو بن الأكوع: صحابي جليل أول مشاهده الحديبية، وكان من الشجعان ويسبق الفرس عدوًا، مات بالمدينة سنة أربع وسبعين على الصحيح. الإصابة (٢/ ٦٥).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما (٦/ ١٠٩).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب مناقب الأنصار، باب ما لقي النبي وأصحابه من المشركين بمكة. انظر: فتح الباري (٧/ ١٦٥). وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد، باب سجود التلاوة (٢/ ٨٨).

<<  <   >  >>