للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقا بنسعة (١) ناقة رسول الله وإن الحجارة لتنكب رجليه، وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب، فيقول له رسول الله : "أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون" ما يلتفت إليه، ولا يزيده عليه" (٢).

فهؤلاء لما تنقصوا النبي حيث عابوه والعلماء من أصحابه واستهانوا بخبره أخبر الله أنهم كفروا بذلك وإن قالوه، استهزاء فكيف بما هو أغلظ من ذلك؟ (٣).

ومن الأدلة على كفر الطاعن في شخص الرسول قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾.

واللعن: الإبعاد عن الرحمة، ومن طرده عن رحمته في الدنيا والآخرة لا يكون إلا كافرا (٤).

وفي هذه الآية قرن الله بين أذى النبي وأذاه كما قرن في آيات أخر بين طاعته وطاعة نبيه، وفى هذا وغيره بيان لتلازم الحقين، وأن جهة حرمة الله تعالى ورسوله جهة واحدة، فمن أذى الرسول فقد أذى الله، ومن أطاعه فقد أطاع الله، لأن الأمة لا يصلون ما بينهم وبين ربهم إلا بواسطة النبي ، وليس لأحد منهم طريق غيره ولا سبب سواه، وقد أقامه الله مقام نفسه في أمره ونهيه وإخباره وبيانه فلا يجوز أن يفرق بين الله ورسوله في شيء من هذه الأمور (٥).


(١) النِّسْعة بكسر فسكون: سير مضفور يجعل زمامًا للبعير. لسان العرب (٨/ ٣٥٢).
(٢) تفسير ابن كثير (٢/ ٣٦٧).
(٣) الصارم المسلول (ص ٣١ - ٣٣).
(٤) الصارم المسلول (ص ٤١).
(٥) الصارم المسلول (ص ٤٠ - ٤١) بتصرف.

<<  <   >  >>