وأما استدلال السيوطي فإن ما أورده لا يلزم منه أن ترتيب السور توقيفي فعدم ترتيب المسبحات ولاء قد يكون لمراعاة مناسبات أخرى أهم من مناسبة فواتح السور، ولهذا مال السيوطي نفسه إلى رأي آخر.
٢- وأما القائلون بأن الترتيب كان كله بطريق الاجتهاد, فإن من أدلتهم اختلاف ترتيب السور في مصاحف الصحابة ولا يصلح هذا دليلًا على ما ذهبوا إليه فقد يكون ترتيب الصحابة قبل أن يعلموا بالتوقيف فلما بلغهم ذلك رجعوا عن ترتيب مصاحفهم.
وأما استدلالهم بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد صلى بالبقرة والنساء وآل عمران في ركعة فلا يدل على ما ذهبوا إليه كما قال السيوطي، وعلل ذلك بقوله:"لأن ترتيب السور في القراءة ليس بواجب ولعله فعل ذلك لبيان الجواز"١.
٣- وأما الرأي الثالث فإنه يستند إلى أدلة الرأي الأول وهو أن ترتيب السور توقيفي أما القسم الاجتهادي فإن أدلته ضعيفة لا تستند إلى دليل قوي.
الرأي الراجح:
إن استعراض الأدلة يوقفنا على ثبوت التوقيف في ترتيب أكثر سور القرآن الكريم وما لم يرد دليل على ترتيبه لا يعني أنه رتب بطريق الاجتهاد، فقد يكون ترتيبه بدليل لم يصل إلينا.
وعلى هذا فإن الرأي الراجح أن ترتيب سور القرآن الكريم كترتيب آياته بالتوقيف عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن جبريل عليه السلام عن ربه سبحانه وتعالى مع ما في أدلة هذا الرأي من الاحتمال كما ذكر إلا أنه أقوى الآراء.