للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى مسلم في صحيحه عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه قال: وفيه نزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} ١.

وبهذا ندرك أن هذه الآية خاصة بمن صلى وهو لا يعرف القبلة ثم يتبين له خطؤه فإنه لا يعيد الصلاة، وكذا في صلاة النافلة على الراحلة في السفر لا يلزم التوجه إلى القبلة. وبمعرفة سبب النزول زال الإشكال.

٢- قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ٢.

فظاهر هذه الآية نفي الجناح عمن طاف بالصفا والمروة مع أن الطواف بهما فرض، والتعبير بنفي الإثم لا يدل على الفرضية، وإذا عرف سبب النزول زال الإشكال:

فقد كان للمشركين أصنام على الصفا والمروة وكانوا يطوفون بهما فلما جاء الإسلام تحرج هؤلاء عن الطواف بهما فنزلت هذه الآية, وقد روى البخاري عن أنس -رضي الله عنه- أنه سئل: أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة؟ قال: نعم، لأنها كانت من شعار الجاهلية حتى أنزل الله {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ٣.

فدل سبب النزول على أن المراد بالآية نفي ما وقر في أذهان بعض الصحابة من التحرج من السعي بين الصفا والمروة والاعتقاد بتحريم ذلك؛ لأنه من عمل الجاهلية فنزلت الآية لهذا الإثم ورافعة للتحرج.

٣- ومن فوائد معرفة سبب النزول تيسير الحفظ وتسهيل الفهم


١ صحيح مسلم ج١ ص٤٨٦.
٢ سورة البقرة: الآية ١٥٨.
٣ صحيح البخاري ج٢ ص١٧١.

<<  <   >  >>