للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- مجازاة الأقضية والوقائع في حينها ببيان حكم الله فيها عند حدوثها:

وذلك أن الأقضية والأحداث لم تقع جملة واحدة وإنما حدثت متفرقة في أوقات مختلفة وأماكن متعددة، فالمناسب أن ينزل القرآن كذلك منجمًا مفرقًا في أوقات مختلفة وأماكن متعددة معالجًا لكل قضية في حينها فمن ذلك:

أ- حادثة الإفك وهي الحادثة التي رمى فيها نفر من المنافقين -وتبعهم بعض المسلمين- عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه في القصة المشهورة، فأنزل الله قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} ١ ... الآيات.

ب- وقصة خولة بنت ثعلبة التي ظاهرَ منها زوجها أوس بن الصامت فشكت ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت: يا رسول الله، أبلى شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي؛ ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} ٢، ٣.

٣- تنبيه المسلمين إلى أخطائهم وإرشادهم إلى الصواب والكمال:

وقد يقع ذلك من أحد أفراد الصحابة أو جماعة منهم أو من الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيرشده ربه إلى الأكمل والأتم لمقامه صلى الله عليه وسلم.

فهذا ثابت بن قيس -رضي الله عنه- لما نزل قوله تعالى: {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} ٤ قال: أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت النبي وأنا من أهل النار، فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "هو من أهل الجنة" ٥.


١ سورة النور: الآية ١١.
٢ سورة المجادلة: الآية ١.
٣ رواه الحاكم في مستدركه ج٢ ص٤٨١، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وانظر أسباب النزول: الواحدي ص٤٠٨.
٤ سورة الحجرات: الآية ٢.
٥ أسباب النزول: الواحدي ص٣٨٦، وانظر صحيح البخاري، ج٦ ص٤٦، وصحيح مسلم ج١ ص١١٠.

<<  <   >  >>