للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قدراتهم الأدبية، كما حدث في سلسلة أوس بن حجر السالفة الذكر، إذ أخذ عن كعب بن زهير وروى له الحطيئة، وعن هذا أخذ هدبة بن خشرم، وعن هدبة أخذ جميل وعن جميل أخذ كثير وروى له. وقد تغنى كثير من الشعراء الأفذاذ بتثقيف عقولهم، وتكوين شخصياتهم الأدبية، بآثار السابقين الفحول، ومن ذلك ما يقوله الفرزدق:

وهب القصائد لي النوابغ إذ مضوا ... وأبو يزيد وذو القروح وجرول

والفحل علقمة الذي كانت له ... حلل الملوك كلامه لا ينحل

وأخو بني قيس،٧ وهن قتلنه٨ ... ومهلهل الشعراء ذاك الأول

والأعشيان كلاهما ومرقش ... وأخو قضاعة٧ قوله يتنخل

وابنا أبي سلمى زهير وابنه ... وابن الفريعة حين جد المقول

والجفعري١٠ وكان بشر١١ قبله ... لي من قصائده الكتاب المجمل

ولقد ورثت لآل أوس١٢ منطقًا ... كالسم خالط جانبيه الحنظل

والحارثي١٣ أخو الحماس ورثته ... صدعًا كما صدع الصفاة المعول

وبلغ من اهتمام العرب بالأدب أن تخصص قوم في حفظه وروايته، ووجدت في تاريخ العرب طبقات من الرواة منذ العصر الجاهلي١٤.

وقد وردت الأخبار بما يفيد قوة الذاكرة وسعة المحفوظ لدى كثير من الرواة، فقد روي عن الأصمعي أنه قال: "أحفظ ستة عشر ألف أرجوزة"١٥، وجاء في كتاب الأغاني١٦: أن حمادًا الراوية روى عن نفسه فقال: "قال لي الوليد بن يزيد: أنت حماد


٧ هو طرفة بن العبد.
٨ أي القصائد.
٩ أبو الطمحان القيني.
١٠ لبيد بن ربيعة.
١١ بشر بن أبي خازم.
١٢ أوس بن حجر.
١٣ النجاشي الحارثي.
١٤ الشهاب الراصد ص ٢٥٨.
١٥ إنباه الرواة للقفطي. دار الكتب.
١٦ جـ٦ ص٩٢.

<<  <   >  >>