فذرني أروي هامتي في حياتها ... مخافة شرب في الحياة مصرد
كريم يروي نفسه في حياته ... ستعلم إن متنا غدًا أينا الصدي
أرى قبر نحام بخيل بماله ... كقبر غوي في البطالة مفسد
ترى جثوتين من تراب عليهما ... صفائح صم من صفيح منضد
وهنا يتحدث عن الموت والإنسان وعمره، فيقول:
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي ... عقيلة مال الفاحش المتشدد
أرى الدهر كنزًا ناقصًا كل ليلة ... وما تنقص الأيام والدهر ينفد
أرى الموت أعداد النفوس ولا أرى ... بعيدًا غدًا ما أقرب اليوم من غد
لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى ... لكالطول المرخى وثنياه باليد
متى ما يشأ يومًا يقده لحتفه ... ومن يك في حبل المنية ينقد
ثم يذكر أمانيه في الحياة ومتعته منها، كأنه يرى من صفاته التي يخلعها على نفسه أنه شخص كريم سمح الأخلاق يريد أن يعيش أيامه في سلام وأمن ومتعة، يحب الناس ويحبونه، ويألفهم ويألفونه، وهنا يتعجب من سلوك الظالمين والمعتدين والوشاة والمفسدين، وبخاصة إذا كانوا من الأقارب الذين يجب أن يكونوا عونًا وسندًا، وملجأ وأمنًا، فسلوكهم المعيب بعضهم مع بعض مؤلم أشد الألم، واعتداء أحدهم على الآخر شديد المرارة وأنكى من ضرب السيوف، ولهذا يحز في نفسه أن يكون له ابن عم يسير إليه، ويعتدي عليه مع أنه لا يستحق ذلك فيقول:
فمالي أراني وابن عمي مالكًا ... متى أدن منه ينأَ عني ويبعد
يلوم وما أدري علام يلومني ... كما لامني في الحي قرط بن أعبد
وأيأسني من كل خير طلبته ... كأنا وضعناه إلى رمس ملحد
على غير ذنب قلته غير أنني ... نشدت فلم أغفل حمولة معبد
وقربت بالقربى وجدك إنني ... متى يك أمر للنكيثة أشهد
وإن أدع للجلى أكن من حماتها ... وإن يأتك الأعداء بالجهد أجهد
وإن يقذفوا بالقذع عرضك أسقهم ... بكأس حياض الموت قبل التهدد