للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير أني قد أستعين على الهم ... إذا خف بالثوي النجاء

بزفوف كأنها هقلة أمّ ... رئال دوية سقفاء

آنست نبأة وأفرعها القنـ ... اص عصرًا وقد دنا الإمساء

فترى خلفها من الرجع والوقـ ... ع منينًا كأنه أهباء

وطراقًا من خلفهن طراق ... ساقطات تلوي بها الصحراء

ثم قال: إنه بهذه الناقة يتلهى عن الهموم؛ لأن الهم قد يشل حركة الإنسان ويوقعه في حيرة، ويسد أمامه الطرق، وكأن ذلك كان مقدمة للحديث عن هم عنيف استولى عليه هو وقومه، فانبرى يعرضه بطريقة تبين شدة تأثرهم به، فقال: لقد جاءهم من بني تغلب أنباء وأمور خطيرة يتهمونهم بها، وهم بذلك يسيئون إلينا ويظلموننا لأنهم يحملوننا ذنب غيرنا ويكلفوننا ما لا نطيق، ويخلطون البريء بالمذنب، وقد دبروا مؤامرتهم بليل، وكانت لهم في الصباح جلبة ضوضاء، اختلط فيها الصياح بأصوات الخيل والإبل:

أتلهى بها الهواجر إذ كل ... ابن هم بلية عمياء

وأتانا عن الأراقم أنبا ... ء وخطب نعني به ونساء

إن إخواننا الأراقم يغلو ... ن علينا، في قيلهم أحفاء

يخلطون البرئ منا بذي الذنـ ... ب ولا ينفع الخليّ الخلاء

أجمعوا أمرهم بليل فلما ... أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء

من منادٍ ومن مجيب ومن تصـ ... هال خيل خلال ذاك رغاء

ثم اتجه بالحديث إلى مثير الفتن والفساد بأن الباطل لا يبقى، وأن وشايته لن تفزعهم، فقال: كثيرًا ما وشى بنا الأعداء، فبقينا على بغضهم ترفعنا الحظوظ والعزة والمنعة، وأعمتهم الضغينة وغطت على بصائرهم، وكأنهم كانوا يرمون جبلًا من صخر، شامخ الطود، صعب المنال، ولا تؤثر فيه الأحداث:

أيها الناطق المرقش عنا ... عند عمرو، وهل لذاك بقاء

لا تخلنا على غراتك إنا ... قبل ما قد وشى بنا الأعداء

فبقينا على الشناءة تنميـ ... نا جدود وعزة قعساء

<<  <   >  >>