وقوله في وصف طعنة يندفع منها الدم بغزارة وقوة، فيحدث صوتًا تهتدي به الذئاب الجائعة:
برحيبة الفرغين يهدي جرسها ... بالليل معتس الذئاب الضرم
وقوله في وصف المعركة حين جاءت الجيوش، وكل جندي يؤجج حماسة الآخر، والتحم عنترة بالأعداء والقوم يهتفون باسمه، ويعلقون عليه آمالهم، فيزداد التحامًا، وتنهال الرماح عليه وعلى حصانه من كل جانب، ويتقدم بحصانه أكثر وأكثر حتى اكتسى حصانه سربالا من الدم، فانحرف بصدره عن موقع الرماح ونظر إلى فارسه نظرة فيها رجاء واستعطاف أن يشفق به شيئًا ما، وكان ذلك بدمعة من الحصان انحدرت على خده، وصوت مكتوم جاش به صدره، ولكن صيحات الإعجاب كانت تنزل عليه بردًا وسلامًا فتزيل سقمه وتزيده نشاطًا وشجاعة.
لما رأيت القوم أقبل جمعهم ... يتذامرون كررت غير مذمم
يدعون عنتر والرماح كأنها ... أشطان بئر في لبان الأدهم
مازلت أرميهم بثغرة نحره ... ولبانه حتى تسربل بالدم
فازور من وقع القنا بلبانه ... وشكا إليّ بعبرة وتحمحم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ... ولكان لو علم الكلام مكلمي
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ... قيل الفوارس ويك عنتر أقدم
وقول عمر بن كلثوم في الحسناء المصون المترفة العفيفة البعيدة عن الريب:
تريك إذا دخلت على خلاء ... وقد أمنت عيون الكاشحينا
ذراعي عيطل أدماء بكر ... تربعت الأجارع والمتونا
وثديًا مثل حق العاج رخصا ... حصانًا من أكف اللامسينا
وقوله في تصوير وجد الحزين بناقة ضل منها ولدها فرددت الحنين، وبحال امرأة قاربت سن اليأس، وفقدت أبناءها التسعة:
فما وجدت كوجدي أم سقب ... أضلته فرجعت الحنينا
ولا شمطاء لم يترك شقاها ... لها من تسعة إلا جنينا