ويغلب على الظن أن ذلك كان يحدث بين الشعراء الذين يعنون بفنهم الشعري كثيرًا، فيعيدون النظر مرارًا في كل قصيدة يؤلفونها، وبخاصة إذا كانت طويلة، وينوون الدخول بها في مجال التنافس في ميدان الفصاحة، والسبق في الفن الشعري.
ومهما يكن من شيء، فإن ما لدينا من التراث الشعري للجاهليين يدل دلالة قوية على الظواهر العامة والخاصة التي كانت تثير مشاعر العربي وإحساساته، وعلى يقظة العربي، واستجابته للمثيرات التي من شأنها أن تحرك مشاعر النفوس المرهفة، كما يدل على أن الشاعر الجاهلي على العموم قد استطاع بقوته الشاعرية أن يلم بجوانب النفس البشرية كلها، فصور انفعالاتها وأحاسيسها في كل الظروف والأحوال والمناسبات، فغطى جميع نواحي الشعر الغنائي الذي يعنى بتصوير نفسية الإنسان، وما لها من ميول وعواطف ووجدان.
والشعر الجاهلي كله مكون من هذه العواطف والانفعالات، وقد جاءت فيه جميع الموضوعات التي يتألف منها الشعر الغنائي، وسنحاول فيما يلي أن نتحدث عن أغراض الشعر في العصر الجاهلي.