للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان التهديد بالشعر من الوسائل التي توعد بها الشعراء أعداءهم، تشهيرا بهم، ونشرا لمخازيهم وعيوبهم، بجانب الحرب والقتال، من ذلك ما يقوله النابغة الذبياني في تهديده لعدوه:

فلتأتينك قصائد وليدفعن ... جيش إليك قوادم الأكوار١٩٦

ومما ورد في التهديد بالشعر، هجاء وتشهيرًا بالمخازي والعيوب قول مزرد١٩٧:

فدع ذا ولكن ما ترى رأي عصبة ... أتتني منهم منديات عضائل١٩٨

يهزون عرضي بالمغيب ودونه ... لقرمهم مندوحة ومآكل١٩٩

على حين أن جربت واشتد جانبي ... وأنبح مني رهبة من أناضل٢٠٠

وجاوزت رأس الأربعين فأصبحت ... قناتي لا يلفى لها الدهر عادل ٢٠١

فقد علموا في سالف الدهر أنني ... معن إذا جد الجراء ونابل٢٠٢

زعيم لمن قاذفته بأوابد ... يغني بها الساري وتحدى الرواحل٢٠٣

مذكرة تلقى كثيرًا رواتها ... ضواح، لها في كل أرض أزامل٢٠٤

تكر فلا تزداد إلّا استنارة ... إذا رازت الشعر الشفاه العوامل٢٠٥


١٩٦ ديوان النابغة الذبياني ص٥٠.
والأكوار: جمع كور وهو رحل الناقة. والقوادم: جمع قادمة، وهى مقدمة الرحل. يتوعد الشاعر عدوه بالهجاء شعرًا. وبالقتال بالجيوش والأسلحة.
١٩٧ المفضلية رقم ١٧
١٩٨ المنديات: المخزيات. التي يعرق لها الوجه ويندى. العضائل: الشدائد.
١٩٩ يهزون: فسره الأنباري بأنه يقطعون. والمعروف في هذا الهذ بالذال، بمعنى القطع. القرم: الأكل بمقدم الفم.
٢٠٠ أنبح مني: صيرته إلى أن ينبح كالكلب.
٢٠١ العادل: المقوم، أو المساوي المماثل.
٢٠٢ المعن: المعترض، من قولهم "عن له" إذا اعترض له في الخصومة والمناظرة. الجراء: الجري. النابل: الحاذق في أموره. يقول: إذا جرت الخصومة ففي فضل أعترض به على الناس.
٢٠٣ الزعيم: الكفيل. الأوابد: الغريب من الكلام، وأراد هنا ما يهجوهم به.
٢٠٤ مذكرة: شديدة قوية، صفة للأوابد. ضواح: بارزة ظاهرة، لكثرة ما يرددها الرواة، واحدتها ضاحية. أزامل: جمع أزمل، وهو كل صوت مختلط.
٢٠٥ تكر: تعاد كرة بعد كرة. رازت: جربت، تنظر كيف هو. العوامل: النواطق بالشعر.

<<  <   >  >>