للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلابد من عوجاء تهوي براكب ... إلى ابن الجلاح سيرها ليل قاصد

تخب إلى النعمان حتى تناله ... فدا لك من رب طريفي وتالدي

فسكنت نفسي بعدما طار روحها ... ولبستني نعمى ولست بشاهد

وكنت امرءًا لا أمدح الدهر سوقة ... فلست على خير أتاك بحاسد

سبقت الرجال الباهشين إلى العلا ... كسبق الجواد اصطاد قبل الطوارد

علوت معدا. نائلا ونكاية ... فأنت لغيث الحمد أول رائد

وقد اشتهر بالمدح ثلاثة من الشعراء الجاهليين، هم: زهير بن أبي سلمى، والنابغة الذبياني، وأعشى قيس.

وكان زهير يعجب بالعظماء الذين يقومون بالأعمال الجليلة. فيثني عليهم. ويشيد بمآثرهم وأفضالهم. وقيل عنه إنه كان لا يمدح الشخص إلا بما فيه، وقد مر بنا في معلقته إشادته بالحارث بن عوف، وهرم بن سنان لما قاما به من الصلح بين عبس وذبيان وتحملهما ديات القتلى. ومن مدائحه في هرم قوله:

لعمر أبيك ما هرم بن سلمى ... بملحي إذ اللؤماء ليموا٢٦٤

ولا ساهي الفؤاد ولا عيي ال ... لسان إذا تشاجرت الخصوم٢٦٥

ولكن عصمة في كل أمر ... يطيف به المخول والعديم٢٦٦

متى تسدد به لهوات ثغر ... يشار إليه جانبه سقيم٢٦٧

مخوف بأسه، يكلأك منه ... قوى، لا ألف ولا سئوم٢٦٨

له في الذاهبين أروم صدق ... وكان لكل ذي حسب أروم٢٦٩


٢٦٤ ملحي: ملوم. أي أنه من كرام القوم، البعيدين عن إتيان أي شيء يستحق اللوم.
٢٦٥ ساهي الفؤاد: طائش. ولاعيي اللسان: فصيح بليغ. يقصد أنه عاقل فطن، بعيد النظر حكيم، يمتاز بالقول الفصل والحكمة والعقل.
٢٦٦ عصمة: ملجأ وملاذ، يطيف به: يلجأ إليه. المخول: الغني. العديم: الفقير.
٢٦٧ اللهوات: جمع لهاة، وهي مدخل الطعام في الحلق. يشار إليه: يهتم به. جانبه سقيم: يخشى أن يأتي منه العدو.
٢٦٨ يكلأك: يحفظك. ألف: ثقيل بطيء. سئوم: ملول.
٢٦٩ الذاهبين: السابقين من الآباء والأجداد. حسب: أصل كريم، أروم: جمع أرومة، وهي الأصل.

<<  <   >  >>