للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الأعشى فكان مغرمًا بالخمر والنساء، فكان في حاجة إلى المال فراح ينتقل في جميع الأمكنة بين الشام والعراق. واليمن، يمدح الملوك والأشراف لينال عطاياهم. فمدح آل جفنة ملوك غسان، والمناذرة ملوك الحيرة. ومدح إياس بن قبيصة الطائي. وهوذة بن علي الحنفي في اليمامة، وقيس بن معد يكرب الكندي، وسلامة ذا فائش أحد أمراء اليمن.

وقد قال في شغفه بحب المال وجمعه:

وما زلت أبغى المال مذ أنا يافع ... وليدًا وكهلا حين شبت وأمردا

وأبتذل العيس المراقيل تغتلي ... مسافة ما بين النجير فصرخدا٢٩٣

وكان في العادة يبدأ المدح بالحديث عن ناقته وما لاقته في سفرها من تعب وجهد وإعياء، ثم يعزيها عما لقيت بما سيناله من عطاء الممدوح.

وفي مدحه للعظماء كان الأعشى يصرخ بطلبه العطاء، فمثلًا عندما مدح قيس بن معد يكرب الكندي، وأفاض في الثناء عليه قال:

ونبئت قيسًا ولم أبله ... كما زعموا خير أهل اليمن

رفيع الوساد طويل النجا ... د ضخم الدسيعة رحب العطن

يشق الأمور ويحتابها ... كشق القراري ثوب الردن

فجئتك مرتاد ما خبروا ... ولولا الذي خبروا لم ترن

فلا تحرمني نداك الجزيل ... فإني امرؤ قبلكم لم أهن٢٩٤

ومما يقوله في مدح هوذة بن علي الحنفي٢٩٥

إلى هوذة الوهاب أهديت مدحتي ... أرجي نوالا فاضلا من عطائكا


٢٩٣ ديوان الأعشى: نشر الدكتور محمد حسين، قصيدة ١٧ ب ٥-٦ ص ١٣٥
٢٩٤ رفع الوساد يكنى عن سمو مكانته، طويل النجاد يكنى به عن طول قامته، والنجاة حمائل السيف. الدسيعة
الجفنة الكبيرة يكني بذلك عن كرمه، العطن المناخ حول مورد الماء، واجتاب الأرض قطعها. القراري: الخياط. الردن: الخز. الارتياد طلب النجعة والكلأ.
٢٩٥ ديوان الأعشى. ق ١١ ب ١٤-٣٠ ص ٨٩.

<<  <   >  >>