للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا مطعم الركب الجياع إذا هم ... حثوا المطي إلى العلا وتسرعوا

وتجاهدوا سيرا فبعض مطيهم ... حسرى مخلفة وبعض ظلع٣٢٣

جواب أودية بغير صحابة ... كشاف داوي الظلام مشيع٣٢٤

إن تأته بعد الهدوء لحاجة ... تدعو يجبك لها نجيب أروع٣٢٥

متحلب الكفين أميث بارع ... أنف طوال الساعدين سميدع٣٢٦

سمح إذا ما الشول حارد رسلها ... واستروح المرق النساء الجوع٣٢٧

فوددت لو قبلت بأسعد فدية ... مما يضن به المصاب الموجع

وهي بعد التعبير عن حزنها العميق لفقدها أخاها تبكي صفاته وأخلاقه وعاداته، وكلها من المثل العليا التي كان العربي الجاهلي يعتز بها.

وكان الأسى يثير الشجون عندما تهيج ذكريات من فقدتهم القبيلة، فيرثي الشاعر حينئذ هؤلاء الأبطال الكرام من قومه. ومن أمثلة ذلك ما جاء لأبي دؤاد الإيادي إذ يقول٣٢٨:

لا أعد الإقتار عدمًا ولكن ... فقد من قد رزئته الإعدام٣٢٩

من رجال من الأقارب فادوا ... من حذاق هم الرءوس العظام٣٣٠

فهم للملائمين أناة ... وعرام إذا يراد العرام٣٣١


٣٢٣ تجاهدوا سيرًا: اشتدوا في السير وأجهد كل منهم نفسه فيه. حسرى: معيبة. مخلفة: متروكة لتموت في الطريق. ظلع: جمع ظالع أو ظالعة: من الظلع. وهو العرج والغمز في المشي.
٣٢٤ مشيع: شجاع؛ لأن قلبه لا يجعله يضعف أو يجبن، فكأنه يشيعه ويقويه.
٣٢٥ نجيب: كريم أصيل. أروع: سيد فاضل.
٣٢٦ متحلب الكفين: جواد، تسيل يداه بالعطاء. أميث: لين سهل، يعنى سمح العطاء. أنف: أبي يكره أن يضام. طوال: طويل شديد الطول. السميدع: الكريم السيد الجميل الجسيم الموطأ الأكناف.
٣٢٧ سمح: جواد. الشول: الإبل التي شولت ألبانها أي ارتفعت. رسلها: لبنها، حارد: انقطع. استروح: تشمم. تعني أنه جواد كريم في وقت الجدب والأزمة.
٣٢٨ الأصمعيات: ص١٨٧ ب:١٥-٢٤
٣٢٩ الإقتار: قلة الماء وضيق العيش. العدم والإعدام: الفقر.
٣٣٠ فادوا: ماتوا. يقال: فاد يفيد فيدًا. إذا مات، حذاق: قبيلة من إياد. العظام: الكبار.
٣٣١ الملائمون: الموافقون المخلصون. أناة: تأن ورفق وحلم، وصف بالمصدر. العرام: الشدة والقوة والشراسة.

<<  <   >  >>