للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسماح لدى السنين إذا ما ... قحط القطر، واستقل الرهام٣٣٢

ورجال أبوهم وأبي عمـ ... ـرو وكعب، بيض الوجوه حسام٣٣٣

وشباب كأنهم أُسْد غيل ... خالطت فرط حدهم أحلام٣٣٤

وكهول بنى لهم أولوهم ... مأثرات يهابها الأقوام٣٣٥

سلط الدهر، والمنون عليهم ... فلهم في صدى المقابر هام٣٣٦

وكذا كم مصير كل أناس ... سوف، حقًّا تبليهم الأيام

فعلى إثرهم تساقط نفسي ... حسرات وذكرات لي سقام

وكان عبد يغوث بن الحرث قائد قومه يوم الكلاب الثاني، فأسر وأراد أن يفدي نفسه، فأبت تميم إلا أن تقتله بالنعمان بن جساس، ولما لم يجد بدًّا من القتل طلب إليهم أن يطلقوا لسانه ليذم أصحابه، وينوح على نفسه، وأن يقتلوه قتلة كريمة، فأجابوه إلى طلبه، وسقوه الخمر، وقطعوا له عرقًا يقال له الأكحل، وتركوه ينزف حتى مات، وحين جهز للقتل قال قصيدة تحدث فيها عن نفسه بأشياء كثيرة، من بينها فخره بشجاعته وكرمه وبراعته في الطعن والقتال، ومنها٣٣٧:

ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا ... فما لكما في اللوم خير ولا ليا

ألم تعلما أن الملامة نفعها ... قليل، وما لومي أخي من شماليا٣٣٨

فيا راكبا إما عرضت فبلغن ... نداماي من نجران أن لا تلاقيا.


٣٣٢ استقل: ارتحل. الرهام: الأمطار الضعيفة. الواحدة رهمة "بكسر الراء". يقصد القحط وامتناع المطر.
٣٣٣ بيض الوجوه: أشراف كرام. حسام: أبطال شجعان، قولهم فاصل.
٣٣٤ غيل: أجمة، وهي الشجر الكثيف الملتف. الحد: الحدة والغضب. وفرطها: غلبتها وإسرافها. أي فيهم مع الغضب والحدة، عقول راجحة، وآراء سديدة.
٣٣٥ كهول: شيوخ، جمع كهل. أولوهم: السابقون الأوائل منهم. يهابها: لا يصل إليها.
٣٣٦ الهام: جمع هامة، وكانوا يزعمون أن عظام الميت، وقيل روحه، تصير هامة فتطير، ويسمونه الصدى، فنفاه الإسلام. ونهاهم عنه.
٣٣٧ المفضليات: ص٣١٥
٣٣٨ الشمال: واحد الشمائل.

<<  <   >  >>