للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنا نشك في صحة هذا المقياس لدى قوم مثل هؤلاء الشعراء الذين اختلطوا بغير قومهم من الرؤساء والعظماء وانقطعوا لهم، فاجتذبتهم مخالطة هؤلاء وأغرتهم المادة، وانسلخوا من البادية. فقلت لديهم العاطفة القبلية التي يقويها اعتماد الفرد على القبلية، وارتكانه على دفاعها عنه، وحمايتها له.

فهؤلاء المداحون ارتموا في أحضان بعض العظماء الذين كفلوا لهم متعة الحياة، ونعمة الراحة في سعة ورغد دون مشقة أو كد، فلا عجب حينئذ أن ينقطع الشاعر من هؤلاء لولي نعمته، ويخصه بشعره، حتى إن الواحد منهم كان يفقد رشده، وتظلم الدينا في عينه. ويفقد كل أمل في الحياة إذا غضب عليه الممدوح، ولا عجب كذلك أن تفنن أولئك المداحون في مدحهم، وقصر باعهم في الفخر ببطولة قومهم.

<<  <   >  >>