للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد كان ما دب بينه وبين النعمان بن المنذر من سوء تفاهم وقطيعة سببًا في إثارة شاعرية الاعتذار عند النابغة الذبياني، فقال، وأجاد، حتى اعتبره النقاد، مبدع هذا الفن. ومن اعتذارياته قوله٣٨١:

أتاني أبيت اللعن أنك لمتني ... وتلك التي أهتم منها وأنصب٣٨٢

فبت كأن العائدات فرشنني ... هراسًا به يعلى فراشي ويقشب٣٨٣

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مذهب٣٨٤

لئن كنت قد بلغت عني خيانة ... لمبلغك الواشي أغش وأكذب

ولكنني كنت امرءًا لي جانب ... من الأرض فيه مستراد ومذهب٣٨٥

ملوك وإخوان إذا ما أتيتهم ... أحكم في أموالهم وأقرب

كفعلك في قوم أراك اصطنعتهم ... فلم ترهم في شكر ذلك أذنبوا

وإنك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب

فلا تتركني بالوعيد كأنني ... إلى الناس مطلي به القار أجرب٣٨٦

ألم تر أن الله أعطاك سورة ... ترى كل ملك دونها يتذبذب٣٨٧

ولست بمستبق أخا لا تلمه ... على شعث أي الرجال المهذب٣٨٨

فإن أك مظلومًا فعبد ظلمته ... وإن تك ذا عتبى فمثلك يعتب٣٨٩


٣٨١ ديوانه ص٧١
٣٨٢ أنصب: أتعب تعبًا شديدًا. أبيت اللعن: أبيت أن تفعل شيئا تلعن بسببه.
٣٨٣ الهراس: شجر كثير الشوك. العائدات: الزائرات للمريض. فرشنني: جعلن لي فراشًا مبسوطًا. يقشب: يجدد.
٣٨٤ ليس وراء الله للمرء مذهب: ليس بعد الحلف بالله شيء.
٣٨٥ مستراد: مكان يذهب فيه الإنسان كما يريد، كناية عن إكرام الغساسنة له في ديارهم. والمستراد من راد إذا خرج رائدًا لأهله. مذهب: مكان واسع الذهاب فيه.
٣٨٦ القار: القطران.
٣٨٧ سورة: منزلة. يتذبذب: يضطرب ولا يصل إليها.
٣٨٨ شعث: فساد ونقص. تلمه: تجمعه وتضمه.
٣٨٩ عتبى: عفو ورضا. يعتب: يعفو ويعطي.

<<  <   >  >>