للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمخضب رخص كأن بنانه ... عنم يكاد من اللطافة يعقد٤٦١

لو أنها عرضت لأشمط راهب ... عبد الإله صرورة متعبد٤٦٢

لرنا لبهجتها وحسن حديثها ... ولخاله رشدًا وإن لم يرشد٤٦٣

وقد اشتهر امرؤ القيس بالإكثار من الحديث عن النساء، وزاد عن غيره أنه لا يتورع عن ذكر مغامراته في شعره، فكان رائدًا لعمر بن أبي ربيعة ومن تبعه، في هذه الناحية.

وفي تضاعيف الوصف الحسي لجسم الحبيبة كان كثير من الشعراء يصفون ما يحسونه من النشوة والبهجة حينما يؤخذون بجمال حبيباتهم، وما يشعرون به من الألم والعذاب عند فراقهن، من ذلك قول طرفة بن العبد:

جلت بردًا فهش له فؤادي ... فكدت إليه من شوق أطير

وقوله في قصيدة أخرى:

بلغا خولة أني أرق ... ما أنام الليل من غير سقم

كلما نام خلي باله ... بت للهم نجيًّا لم أنم

منع التغميض منى ذكرها ... فهي همي وحديثي وسدم٤٦٤

ومع أن السمة العامة للغزل الجاهلي كانت الناحية الحسية، من وصف الجسد، وأعضائه، وما تتصف به الحبيبة من جمال خلقي، فإننا نجد من بين الشعراء الجاهليين من أعجب بجمال المرأة الخلقي، فأطرى ما تتمتع به من كريم الصفات، وحسن الطبع، وجميل العادات من ذلك ما ورد للشنفرى إذ يقول٤٦٥:


٤٦١ المخضب: الكف. رخص: لين. البنان: الأصابع. العنم: شجر لين الأغصان، له ثمر أحمر مستطيل كالأصابع.
٤٦٢ الراهب: المتعبد. أشمط: أشيب. صرورة: متبتل، لم يرتكب ذنبًا.
٤٦٣ رنا: أدام النظر مع سكون الطرف. يرشد: يكون في كهل العقل والصواب.
٤٦٤ سدم: سقم ولكم.
٤٦٥ المفضليات، ص١٠٩ ب ٥-١٢.

<<  <   >  >>