للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيا جارتي وأنت غير مليمة ... إذا ذكرت، ولا بذات تقلت٤٦٦

لقد أعجبتني، لا سقوطًا قناعها ... إذا ما مشت، ولا بذات تلفت٤٦٧

تبيت بعيد النوم تهدي غبوقها ... لجارتها إذا الهدية قلت٤٦٨

تحل بمنجاة من اللوم بيتها ... إذا ما بيوت بالمذمة حلت٤٦٩

كأن لها في الأرض نسيًا تقصه ... على أمها وإن تكلمك تبلت٤٧٠

أميمة لا يخزى ثناها حليلها ... إذا ذكر النسوان عفت وجلت٤٧١

إذا هو أمسى آب قرة عينه ... مآب السعيد لم يسل أين ظلت٤٧٢

فدقت وجلت واسبكرت وأكملت ... فلو جن إنسان من الحسن جنت٤٣١

فالشاعر لم يتحدث عن جمال الجسم إلا في البيت الأخير، إذ أشار فيه إلى أنها حسنة الخلق جميلة، وجمالها يفوق الوصف، لدرجة أن تمام الجمال لو كان يسبب لصاحبه الجنون، لكانت قد جنت من حسنها الكامل. ولكنه في الأبيات السابقة يعجب بأخلاقها وصفاتها وشمائلها، فهي كاملة في كل شيء، ليس من أفعالها ما تستحق عليه أدنى لوم، وليس في


٤٦٦ مليمة: أي تأتي ما تلام عليه، فتسبب اللوم لنفسها، وتجعل غيرها يلومها. تقلت: تبغض وهو ضد التحبب أي لا تأتي عملًا يسبب لها اللوم أبدًا، وليس فيها أية صفة مكروهة، بل هي وأفعالها وصفاتها محبوبة محمودة.
٤٦٧ أى لا يسقط قناعها لشدة حيائها. ولا بذات تلفت: لا تكثر التلفت. فإنه من فعل أهل الريبة.
٤٦٨ الغبوق: ما يشرب بالعشي. تهديه لجارتها: أي تؤثرها به لكرمها. إذا الهدية قلت: أي في زمن الجدب حين تنفد الأزواد وتذهب الألبان ويقل الغذاء.
٤٦٩ بيتها: مفعول به لتحل "وهو فعل يتعدى بنفسه وبحرف الجر" وتحل معناه تسكن أو تنزل. منجاة: مفعلة من النجوة وهي الاتقاء، يقصد أن موطنها طاهر شريف، بعيد عن الشبهة.
٤٧٠ النسي: الشيء المفقود المنسي. تقصه: تتبعه، وتبحث عنه. أمها "بفتح الهمزة" قصدها الذي تريده.
يقول: من شدة حيائها إذا مشت تنظر إلى أسفل كأنها تبحث عن شيء فقدته ولا ترفع رأسها. تبلت: تنقطع في كلامها، ولا تطيله.
٤٧١ الثنا: ما تتحدث به عن الرجل من حس أو سيّئ. يقال: ثنا الحديث: حدث به وأشاعه. حليلها: زوجها.
٤٧٢ آب: رجع. لم يسل أين ظلت: أي لا تبرح بيتها.
٤٧٣ اسبكرت: طالت وامتدت. ولعله يقصد بهذا البيت أن أعضاء جسمها كلها في منتهى الجمال، فالأعضاء التي تجعل فيها الدقة، دقيقة، والتي يحسن فيها الامتلاء مملؤة. وطول قامتها يكون في أحسن ما يكون طول القامة، ثم قال: وأكملت، أي كمل جسمها حسنًا وجمالًا. وعقب على ذلك بأنه لو كان كل الجمال الكامل سببًا في جنون صاحبه، لجنت هي من جمالها التام في كل شيء، خُلقًا وخَلقًا.

<<  <   >  >>