للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تقولن إذا ما لم ترد ... أن تتم الوعد في شيء نعم

حسن قول نعم من بعد لا ... وقبيح قول لا بعد نعم

إن لا بعد نعم فاحشة ... فبلا فابدأ إذا خفت الندم

فإذا قلت نعم فاصبر لها ... بنجاح القول إن الخلف ذم

واعلم ان الذم نقص للفتى ... ومتى لا يتق الذم يذم

أكرم الجار وأرعى حقه ... إن عرفان الفتى الحق كرم

أنا بيتي من معد في الذرا ... ولي الهامة والفرع الأشم

لا تراني راتعًا في مجلس ... في لحوم الناس كالسبع الضرم٥٧٦

إن شر الناس من يكشر لي ... حين يلقاني وإن غبت شتم٥٧٧

وكلام سيّئ قد وقرت ... أذني عنه وما بي من صمم٥٧٨

فتعزيت خشاة أن يرى ... جاهل أني كما كان زعم٥٧٩

ولبعض الصفح والإعراض عن ... ذى الخنا أبقى وإن كان ظلم٥٨٠

وأما خبراتهم بالحياة وثمرات تجاربهم، فقد أودعوها في حكمهم التي تكون في العادة ذات ألفاظ قصيرة ولكن معانيها كثيرة وقد سبق أن أشرنا عند الكلام عن النثر الجاهلي أن الحكم تأتي نثرًا وتأتي شعرًا، وهي في النثر أكثر، ولذلك تحدثنا عنها هناك. وهي في الشعر تأتي منتثرة في ثنايا القصائد حينما تحين الفرصة المناسبة لها في سياق الكلام وقد سبقت لها نماذج كثيرة في المعلقات، وفي الأمثلة الشعرية التي ذكرناها فيما سبق.

ومن ينظر فيها يجد أنها مستقاة من بيئتهم وحياتهم ونظراتهم في الحياة وفي الناس، وهي تدل من ناحية على صدق إحساسهم ودقة ملاحظاتهم، كما أنها تدل من ناحية أخرى على مقدرتهم الفنية القوية في التعبير والتصوير.


٥٧٦ راتعًا: آكلا بشره. الضرم "بكسر الراء" الشديد النهم.
٥٧٧ يكشر: يضحك ويبدي أسنانه.
٥٧٨ الوقر: ثقل في الأذن، أو هو الصمم.
٥٧٩ تعزيت: تصبرت. خشاة: خشية.
٥٨٠ الخنا: العيب والفحش.

<<  <   >  >>