للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وها هو ذا الشنفرى الأزدي يتحدث عن سياسة الصعاليك وحياتهم، فيقول فيما يسوسهم به رئيسهم٦٠٤:

وأم عيال قد شهدت تقوتهم ... إذا أطعمتهم أَوْتَحَتْ وأقلت٦٠٥

تخاف علينا العيل إن هي أكثرت ... ونحن جياع، أي آل تألت٦٠٦

وما إن بها ضن بما في وعائها ... ولكنها من خيفة الجوع أبقت٦٠٧

مصعلكة لا يقصر الستر دونها ... ولا ترتجى للبيت إن لم تبيت٦٠٨

لها وفضة فيها ثلاثون سيحفًا ... إذا آنست أولى العدي اقشعرت ٦٠٩

وتأتي العدي بارزًا نصف ساقها ... تجول كعير العانة المتلفت٦١٠

إذا فزعوا طارت بأبيض صارم ... ورامت بما في جفرها ثم سلت٦١١

حسام كلون الملح صاف حديده ... جراز كأقطاع الغدير المنعت٦١٢

تراها كأذناب الحسيل صوادرًا ... وقد نهلت من الدماء وعلت٦١٣


٦٠٤ المفضلية رقم ٢٠ب ١٩-٢٧
٦٠٥ أراد بأم عيال: تأبط شرًّا، لأنه حين غزوا جعلوا زادهم إليه، وكان يقتر عليهم مخافة أن تطول الغزاة بهم فيموتوا جوعًا، والأزد تسمى رأس القوم وولي أمرهم "أمًّا" وفي اللسان عن الشافعي "قال: العرب تقول للرجل يلي طعام القوم وخدمتهم هو أمهم" واستشهد الشافعي بهذا البيت. أوتحت: أعطت قليلًا، كأقلت. وقد ساق القول عن تأبط شرًّا بضمير المؤنث مساوقة للفظ "أم"، وقال الأصمعي: "وكنايته عن تأبط شرا كأوابد الأعراب التي يلغزون فيها".
٦٠٦ العيل والعيلة: الفقر. أي آل تألت: أي سياسة ساست.
٦٠٧ ضن: بخل، وهو بكسر الضاد، الفتح لغة فيه، نقلها اللسان عن ابن سيده.
٦٠٨ مصعلكة: صاحبة صعاليك، وهم الفقراء. لا يقصر الستر دونها: لا تغطي أمرها، يقول: هي مكشوفة الأمر. لا ترتجي إلخ: لا ترتجي أن تكون مقيمة، إلا أن تريد هي ذلك فتجيء.
٦٠٩ الوفضة: جعبة السهام. السيحف: السهم العريض النصل. آنست: أحست. العدي: جماعة القوم يعدون راجلين للقتال ونحوه، لا واحد له من لفظه. اقشعرت: تهيأت للقتال.
٦١٠ بارزًا نصف ساقها: يريد أنه مشمر جاد. العير: حمار الوحش. العانة: القطيع من حمر الوحش، وإنما شبهه بعير العانة لأن الحمار أغير ما يكون، فهو يتلفت إلى الحمير يطردها عن آنيته.
٦١١ الأبيض: السيف. الصارم: القاطع. الجفر: كنانة السهام. يعني أنه يرمي بما في كنانته ثم يحارب بسيفه.
٦١٢ الجراز: السيف القاطع. أقطاع: جمع قطع، بكسر فسكون، كالقطعة. والمراد بأقطاع الغدير أجراء الماء يضربها الهواء فتقطع ويبدو بريقها. المنعت: مبالغة من النعت، وهو الوصف بالحسن.
٦١٣ الحسيل: جمع حسيلة، وهي أولاد البقر. شبه السيوف بأذناب الحسيل إذا رأت أمهاتها فجعلت تحرك أذنابها، والنهل والعلل هنا للسيوف أي شربت وكررت الشرب من الدماء.

<<  <   >  >>