للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكنما عولي إن كنت ذا عول ... على بصير بكسب الحمد سباق٥٩٩

سباق غايات مجد في عشيرته ... مرجع الصوت هدًّا بين أرفاق٦٠٠

عاري الظنابيب، ممتد نواشره ... مدلاج أدهم واهي الماء غساق٦٠١

حمال ألوية، شهاد أندية ... قوال محكمة، جواب آفاق٦٠٢

فذاك همي وغزوي أستغيث به ... إذا استغثت بضافي الرأس نغاق٦٠٣

يقول تأبط شرا: إذا تنكر صاحبي لواجب الصداقة، وفترت مودته، وانقطعت صلته، فإني أتركه ولا أبقي عليه، وأبعد عنه بسرعة كما فعلت حينما نجوت من بجيلة عندما أثاروا جمعهم ضدي، وركضوا سراعًا ورائي أنا وصاحبي، فكنت أجري بسرعة النعام والظباء، ولم يكن يفوقني في السرعة إلا الحصان الجامح، والطائر الجارح، وكأني في اندفاعي في الجري فاقد العقل، وذلك من سرعة الهرب وقوة الطلب، حتى نجوت ولم يستطيعوا أن يمسوني بأدنى أذى. وليس من عاداتي مطلقًا أن تثيرني قطيعة صاحب لا يعرف حق الصحبة والإخاء. ولكن إذا كان لي أن أعول على أحد، أو أبكي على فقد صداقته، فهو ذلك الرجل الكامل، الخبير بوسائل المجد، السباق إلى العلا والمكارم، الدائم التجوال إلى أقاصي الجهات، الكثير الأسفار في الليالي المظلمة الطوال، ذو العزة والجرأة، وصاحب الكلمة الفاصلة، وحامل اللواء في الحروب والغارات.

فما يقوله تأبط شرًّا هنا، إنما هو تصوير للصعلوك وصفاته في نظره.


٥٩٩ العول، بفتح الواو مع فتح العين وكسرها: مصدر بمعنى العويل، وهو رفع الصوت بالبكاء والاستغاثة، وبالكسر فقط جمع "عولة" بفتح فسكون. أو بمعنى العول عليه المستغاث به. بدأ في وصف الرجل الكامل يبكي فقد صداقته، أو الذي يعول عليه.
٦٠٠ مرجع الصوت: يصبح أمرًا ناهيًا. هدًّا: رافعا صوته، مصدر وقع حالًا. الأرفاق: الرفاق، يصفه بأنه رئيسهم، يصدرون عن رأيه بينما يأمر وينهى.
٦٠١ الظنابيب: جمع "ظنبوب" وهو حرف عظم الساق، جعلها عارية لهزالها، والعرب تمدح الهزال وتهجو السمن. النواشر: عروق ظاهر الذراع. مدلاج: كثير سفر الليالي بطولها. الأدهم: الليل. واهي الماء: مطره شديد، سحابه لا يمسك الماء. الغساق: الشديد الظلمة. وهما نعت للأدهم. يقول: يدلج في الليل المطر المظلم، فهو ذو عزم وجرأة.
٦٠٢ المحكمة: الكلمة الفاصلة. جواب آفاق: صاحب أسفار وغزو.
٦٠٣ غزوي: مقصدي، من الغزو وهو المقصد. ضافي الرأس: كثير الشعر. نغاق ونعاق بمعنًى، وهما روايتان هنا.

<<  <   >  >>