للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرب إليها، فقد كان الروم مثلًا يتوغلون في هذه الأرضين إلى مسافات بعيدة للبيع والشراء، كما كان يقصدها أناس من أماكن بعيدة بحثًا عن طلب أو ترويجًا لرأي١٣.

قد استعمل أهل العربية الجنوبية النقود في معاملاتهم فاستعملوا نقودًا سكت من الذهب ونقودًا سكت من الفضة، وأخرى سكت من النحاس ومن معادن أخرى، وقد عثر على نماذج من كل نوع من هذه الأنواع، كما استعملوا نقودًا أجنبية أيضًا، وصلت إليهم بتعاملهم مع الأسواق الأجنبية. وقد عثر على بعض منها في مواضع من جزيرة العرب أكثرها يوناني أو روماني١٤.

أما أهل الحجاز١٥ فقد تعاملوا بالنقود الرومية والساسانية، تعاملوا بالدراهم، وتعاملوا بالدنانير١٦ ولعلهم كانوا يتعاملون بنقود أهل اليمن كذلك، وبنقود أهل الحبشة، فقد كان أهل مكة تجارًا، يتاجرون مع اليمن، ويتاجرون مع العراق وبلاد الشام، وتجارتهم هذه تجعلهم يستعملون مختلف النقود، خاصة أنهم كانوا في مكان فقير لا يساعد على ضرب النقد فيه.. وقد ذكر أهل الأخبار أن أهل المدينة كانوا يتعاملون بالدراهم عند مقدم الرسول، ويتعاملون بالعدد، فأرشدهم إلى الوزن كما يفعل أهل مكة، ودرهم أهل مكة ستة دوانيق، وعدلت بعد الإسلام، فكانت تعرف بالدراهم المعدلة، وهي بوزن سبعة مثاقيل لكل عشرة دراهم.


١٣ تاريخ العرب لجواد علي، جـ٤ ص٤١٣.
١٤ جواد علي، جـ٨ ص٢٠٠.
١٥ المصدر السابق ص٢٠٦.
١٦ الدرهم، قيل إنه فارسي معرب. وهو نقد من الفضة، وهو معروف في الفارسية والرومية، والظاهر أن العرب أخذوا بالتسمية الفارسية، على أن ذلك لا يعني أنهم لم يكونوا يستعملون دراهم الروم، وقد أطلقوا الدراهم على النقود عمومًا في بعض الأحيان من باب إطلاق الجزء على الكل والدينار من النقود اليونانية اللاتينية وهو مضروب من الذهب، وقد بقي العرب يتعاملون بالدنانير الرومية إلى أيام عبد الملك، حيث أمر بضرب الدنانير، فضربت بدمشق "جواد علي، جـ٨ ص٢٠٧".

<<  <   >  >>