للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على السلب والنهب وقطع الطرق لكسب الرزق، فتلقي الرعب في النفوس، وتنعم بما في يديها من مال حرام تبدده وتبذره على عادة الشذاذ من الناس، ومن يحصل على قوته بهذه الطرق.

ولعدم مبالاة هؤلاء وشجاعتهم، وعدم اهتمامهم بالحياة استخدم بعضهم في أعمال انتقامية مثل الفتك بالخصوم"٦.

"والحقيقة أن التشكيلات القبلية لم تكن محصورة في أهل البدو فقط، بل كانت كذلك موجودة في المدن بين أهل الحضر. فكان على رأس كل قبيلة أو رهط مجلس مؤلف من رؤساء الأسر أو رؤساء الرهط تبعًا لمقياس القبيلة، وإلى هذا المجلس تعود مناقشة جميع القضايا التي تهم القبيلة"٧.

"وكان لكل مجلس رئيس، هو شيخ القبيلة، وهو شخصية فذة يختارها الجميع ليكون المعبرة بلسان جماعتهم، والمنفذ لإرادتهم، فكانت أوامره مستمدة من مداولات المجلس، وهو بعبارة أوضح منفذ، مزود بسلطة إيحائية. وعليه بعد استشارة القدماء والذوات أن يقود جماعته إلى المعارك، وأن يستقبل الوفود، وأن يشرف على مفاوضات الصلح والمحالفات وإشهار الحرب وإضافة الضيوف، واتخاذ التدابير في سني القحط، وتحديد حركات الظعون٨".

وكان الرئيس يختار من ذوي الشخصيات القوية الممتازة، وتتحقق فيه صفات خاصة أهمها الوقار، والهيبة، وسداد الرأى وبعد النظر، والطموح والحزم والإيثار والتضحية، والغنى، والجود، والسخاء، والشجاعة والقوة، والحلم، والصبر، والرزانة والثبات، فلا يفرح للخير، ولا يكبو للضر، ولا تبطره النعمة، ولا تغمه الشدة، قد أحكمته التجارب، وله خبرة بطبائع النفوس، وحسن معالجة الأمور، ويتسم بالإخلاص، والأمانة، والوفاء، والسهر للمصلحة العامة، والعمل على إعلاء كلمة القبيلة ورفع شأنها، ومن خير ما قيل من شعر في أهم صفات الرئيس قول لقيط الإيادي٩:

وقلدوا أمركم لله دركم ... رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا


٦ تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي جـ٤ ص ٢٢٤.
٧ تاريخ الأدب العربي لبلاشير. ص٣٥.
٨ المرجع السابق ص٣٦.
٩ مختارات ابن الشجري. ص١.

<<  <   >  >>