للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا مُتْرفًا إن رَخَاء العيش سَاعده ... ولا إذا عضَّ مكروهٌ به خَشَعا

لا يطعم النوم إلا ريث يبعثه ... هم يكاد سناه يقصم الضلعا

مسهد النوم تعنيه أموركم ... يروم منها إلى الأعداء مطلعا

ما انفك يحلب هذا الدهر أشطره ... يكون متبعًا طورًا ومتبعًا

حتى استمرت على شزر مريرته ... مستحكم الرأى لا قحما ولا ضرعا١٠

وليس يشغله مال يثمره ... عنكم، ولا ولد يبغي له الرفعا

وكانوا إذا غنموا أموالًا أخذ الرئيس ما بعده لما قد يطرأ، ولما يتحمل من النفقات، وذلك هو: المرباع والصفي والنشيطة والفضول١١.

ولشخصية رئيس القبيلة أثر كبير في مكانة القبيلة، فالزعماء في المجتمعات القبلية رجال السياسة، وبحكمتهم وكفايتهم تقرر الأمور، ورب كلمة من زعيم أو هفوة تصدر منه تثير حربًا أو تسبب كارثة له ولقبيلته، أو للحلف الذي يتزعمه، ذلك أن أعصاب رجال البادية مرهفة حساسة تثيرها الكلمات، ولا سيما إذا كانت تتعلق بالشرف والجاه١٢.

وكان الشعراء في قبائلهم لسان حالهم، والمذيعين لأخبارهم، والمسجلين لأفضالهم وأمجادهم.

وقد تسبب عن هذه العصبيات القبلية الضيقة عدم وجود مجتمع واحد كبير، كما أن المنافسات بين هذه العصبيات وزعمائها نشأ عنها تفكك اجتماعي، وعدم استقرار، وحروب كثيرة، ومن ثم لم تتكون منهم دولة واحدة قوية وحكومة مركزية عامة تتولى نشر العدل والأمن والطمأنينة بين جميع المواطنين.


١٠ القحم. الشيخ الهرم. الضرع. الرجل الضعيف.
١١ المرباع. ربع الغنيمة. والصفي. ما يصطفيه لنفسه قبل القسمة. والنشيطة. ما أصاب في طريقه إلى الغزو قبل أن يصل إلى من يريد غزوهم. والفضول ما لا تصلح قسمته على عدد الغزاة من بواقي القسمة كالبعير والفرس.
١٢ تاريخ العرب لجواد علي جـ٤ ص٢١٥.

<<  <   >  >>