للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والزندقة: يقول عنها صاحب القاموس: "الزنديق: من الثنوية أو القائل بالنور والظلمة، أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبية، أو من يبطن الكفر ويظهر الإسلام". وفي اللسان: الزنديق: القائل ببقاء الدهر، فارسي معرب، وهو بالفارسية "زندكراي" يقول بدوام الدهر، وقال ابن قتيبة في كتاب المعارف عند الكلام على أديان العرب في الجاهلية: كانت الزندقة في قريش، أخذوها عن الحيرة. وقال البلخي في كتاب البدء والتاريخ: كانت الزندقة والتعطيل في قريش. والثنوية يعتقدون أن الصانع اثنان ففاعل الخير نور وفاعل الشر ظلمة. وهما قديمان، لم يزالا ولن يزالا قويين حساسين.. وهما مختلفان في النفس والصورة متضادان في العقل والتدبير، فالنور فاضل حسن تقي طيب الريح حسن المنظر ونفسه خيرة كريمة حكيمة نفاعة، منها الخيرات والمسرات والصلاح، وليس فيها شيء من الضرر والظلمة ضد ذلك٣.

أما اليهودية: فهى دين موسى عليه السلام، نسبة إلى يهوذا أحد أسباط إسرائيل الذي تناسل منه أكثر الملوك.

والذى أدخل اليهودية إلى اليمن تبع الأصغر، ومن اليهود الذين نزلوا المدينة بنو قريظة وبنو النضير، وأشهر من دان باليهودية من قبائل العرب: بنو نمير كنانة، وبنو الحارث بن كعب، ولعلها سرت إليها من مجاورة اليهود لهم في تيماء ويثرب وخيبر.

وأما النصرانية: فهي دين المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، نسبة إلى الناصرة أول قرية بث عيسى فيها دعوته، فقال العرب: "ناصري ونصراني".

ودخلت النصرانية بلاد العرب زمن الحواريين، فنقل أن القديس لوقا أول من دعا إليها في بلاد اليمن أثناء مسيره إلى الهند، وبولس دعا إليها في الشام.

وفي تاريخ العصور الوسطى أن عرب غسان تنصروا في أيام القيصر، وقال ابن خلدون: كان أهل نجران "وهم بنو الحارث بن كعب بن مذحج" من بين العرب يدينون بالنصرانية.

وأشهر من تدين بالنصرانية من العرب، قضاعة كأنهم تلقوها عن الروم، فقد كانوا يكثرون من التردد إلى بلادهم للتجارة؛ والغساسنة بالشام لمجاورتهم نصارى الروم، وكثير من


٣ بلوغ الأرب، جـ٢ ص٢٢٩.

<<  <   >  >>