تنوخ وتغلب وطيئ وحمير، وشاعت النصرانية في قبائل شتى بالحيرة، يقال لهم العباد ومنهم عدي بن زيد العبادي.
وأما الوثنيون، فكانوا أكثرية العرب الجاهليين، وهم عبدة الأصنام والأوثان، والصنم يكون غالبًا تمثالًا، أما الوثن فيكون غالبًا حجرًا، وقد يسمى الصنم بالوثن. يقول ابن الكلبي: المعمول من خشب أو ذهب أو فضة صورة إنسان فهو صنم، وإذا كان من حجارة فهو وثن. وقال السهيلي: يقال لكل ما كان من حجر أو غيره صنم، ولا يقال وثن إلا لما كان من غير الصخر كالنحاس وغيره.
وكانوا في عبادتهم للأوثان يؤمنون بالله، زاعمين أنها تشفع لهم عند الله يقولون:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى} . {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} .
ويروي ابن الكلبي في كتاب الأصنام:"أن إسماعيل بن إبراهيم صلى الله تعالى عليهما وسلم لما سكن مكة وولد له بها أولاد كثيرة حتى ملئوا مكة ونفوا من كان فيها من العماليق فضاقت عليهم مكة، وقعت بينهم الحروب والعداوات وأخرج بعضهم بعضًا، فتفسحوا في البلاد والتماس المعاش، وكان الذي سلخ بهم إلى عبادة الأوثان والحجارة أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن إلا احتمل معه حجرًا من حجارة الحرم تعظيمًا للحرم، فحيثما حلوا وضعوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة صبابة بها وحبًّا، وهم على إرث أبيهم إسماعيل من تعظيم الكعبة والحج والاعتمار، ثم سلخ ذلك بهم إلى أن عبدوا ما استحبوا، ونسوا ما كانوا عليه، واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره، فعبدوا الأوثان، وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم من قبلهم كقوم نوح، وفيهم بقايا على دين أبيهم إسماعيل، مع إدخالهم فيه ما ليس منه٤.
وكان لكل قبيلة صنم أو أكثر وكان منها عند الكعبة كثير، حتى قال الزمخشري إنه كان حولها ثلثمائة وستون صنمًا.
ومن هذه الأصنام: إساف ونائلة: وهما صنمان عبدتهما العرب وكانوا ينحرون ويذبحون عندهما، ويقال إنهما كانا في الأصل رجلًا وامرأة فجرا في الحرم فمُسِخا "فوجدوهما مسيخين