شيخ الإسلام أبي عثمان، فصولاً، كتبت منها هذه الكلمات اختصاراً: يا ليلةَ فترة الشريعة، ليتك تري الإصباح، ويا محنة أهل السنة، أنخت بكلْكلكِ، لعله لا براح، ويا معراج السماء، ليت شعري كيف حالك؟ وقد خلوت من صواعد دعواتِ مجلس شيخ الإِسلام، ويا ضَلَّةَ الإِسلام، لولا أنك محكوم لك بالدوام لقلنا فنيت عن كل النظام؛ ويا أصحاب المحابر، حطوا رحالكم، فقد استتر بخلال التراب من كان عليه إلمامكم، ويا أرباب المنابر، أعظم الله أجوركم، فلقد مضى سيدكم وإمامكم.
وقالوا الإمامُ قضى نحبَهُ ... وصيحةُ من قد نعاهُ عَلَتْ
فقلتُ فما واحدٌ قد مضى ... ولكنَّه أمَّةٌ قد خَلَتْ
وفيه في فصل آخر: "أليس لم يجْسُر مفترٍ أن يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وقته أليست السنة كانت بمكانه منصورة، والبدعة لفرط حشمته مقهورة؟ أليس كان داعياً إلى الله، هادياً عباد الله، شاباً لا صبوة له، ثم كهلاً لا كبوة له، ثم شيخاً لا هفوة له؟ أليس دموع ألف من المسلمين كل مجلس بذكره كانت تتبرَّج، وقلوبهم بتأثير وعظة كانت تتوهج؟ تُرى أن الملائكة لم يؤمروا باستقباله، والأنبياء والصديقين، لم يستبشروا بقدومه عليهم وإقباله!
قلت: ولما انقلب إلى رحمة الله، كثرت فيه المراثي والأشعار، وكانت حاله كما قيل:
لقد حَسُنَتْ فيك المراثي وذكرها ... كما حَسُنَت من قبل فيك المدائحُ
ومن أحسن ما قيل فيه، ما كتبته بهراة، في مرثيته للإمام جمال الإسلام أبي الحسن، عبد الرحمن بن محمَّد الدَّاوودي البوشنجي، حيث يقول:
أودى الإمامُ الحَبْرُ إسماعيلُ ... لهْفي عليه فليس منهُ بديلُ