الخليلي في "الإرشاد": الإمام في وقته، متفق عليه، عديم النظير في وقته علمًا وديانة، توفي بعد الأربعمائة بقليل، ووالده من أصبهان، ورد نَيْسابور، وأكثر من رأيت من الفقهاء بها أخذوا عنه، وكانوا يسمونه الإمام، ما رأيت في أهل العلم أعلى همة منه، وأكثر حشمة، توفي أول سنة اثنتين وأربعمائة.
وقال أبو عاصم العَبَّادي: هو الإمام في الأدب والفقه والكلام والنحو، والبارع في النَّظر. وقال أبو عبد الله بن أبي زيد المُقرئ: كان فيما قيل: عالمًا في شخص، وأمة في نفس، وإمام الدنيا بالإطلاق، وشافعي عصره بالإطباق، ومن لو رآه الشّافعيّ لقرت عينه، وشهد أنّه صدر المذهب وعينه. وقال السمعاني في "الأنساب": مفتي نَيْسابور، وابن مفتيها، وإليه انتهت رئاسة أصحاب الحديث بعد والده، تفقه عليه وتخرج به. وقال الذهبي: العلّامة شيخ الشّافعيّة بخراسان، الإمام ابن الإمام، كان بعض العلماء يعده المجدد للأمة دينها على رأس الأربعمائة، وبعضهم عدَّ ابن الباقلاني، وبعضهم محمّد الشّيخ أبا حامد الإسفراييني، وهو أرجح الثّلاثة. وقال السبكي: الأستاذ الكبير، والبحر الواسع، ما أَمَّه الطلب، ولا وجده سهلًا، ولا أمَّله الراغب إِلَّا وتلقاه بالبشر، وقال له أهلًا، جمع بين رياستي الدِّين والدنيا، واتفق علماء عصره على إمامته وسيادته، وجمعه بين العلم والعمل والأصالة والرياسة، يضرب المثل باسمه، وتضرب أكباد الإبل للرحلة إلى مجلسه، وكان يلقب شمس الإسلام.
قال مقيده - عفا الله عنه -: ذكر صاحب "الجواهر" أنّه خرج عليه يومًا - وهو في موكبه- من سجن لحَّامُ يهودي، في أطمار سُخم من دخانه، قال: ألستم تروون عن نبيكم أنّ الدنيا سجن المؤمّن وجنة الكافر، وأنا عبد كافر،