١٦٩): بلغنا عن إمام الحرمين أبي المعالي الجُويني ثمّ قال: قلت: أصاب أبو المعالي، هكذا هو، ولو شاء البَيْهقي أنّ يعمل لنفسه مذهبًا يجتهد فيه؛ لكان قادرًا على ذلك، لسعة علومه، ومعرفته بالاختلاف، ولهذا تراه يُلوِّح بنصر مسائل ممّا صح فيها الحديث.
وأمّا ابن أبي الوفاء فقد قال في "الجواهر المضية"(٤/ ٥٧٣): ويقول النَّاس: إنَّ الشّافعيّ له فَضل على كلّ أحد، والبَيْهقي فضله على الشّافعيّ. فوالله ما قال هذا من شَمَّ ترجمته الشّافعيّ وعظمته ونشأته في العلوم، ولقد أخرج الشّافعيّ بابًا من العلم ما اهتدى إليه النَّاس من قبله، وهو علم الناسخ والمنسوخ، فعليه مدار الإسلام. مع أنّ البَيْهقي إمام حافظ كبير، نشر السُّنَّة، ونصر مذهب الشّافعيّ في زمنه.
قلت: وفيما سبق نقله عن الحافظ الذهبي رد على من رمى الإمام البَيْهقي بالتعصب لمذهب الشّافعيّ - رحمه الله تعالي-، كالسيد مرتضى الزبيدي في "عقود الجواهر المنيفة"(٢/ ١١)، والشيخ عبد الرشيد النعماني في كتابه "الإمام ابن ماجه وكتابه السنن" ص (١٦١).
* أول من جمع نصوص الشّافعيّ:
قال ابن خلكان في "وفيات الأعيان"(١/ ٧٦): هو أول من جمع نصوص الإمام الشّافعيّ -رضي الله تعالي عنه -، في عشر مجلدات. وقال الذهبي في "تاريخه"(٣٠/ ٤٤٠): وهو أول من جمع نصوص الشّافعيّ، واحتج لها بالكتاب والسُّنَّة.
قال السبكي في "طبقاته"(٤/ ١٠) متعقبًا كلام شيخه الذهبي: ليس كذلك، بل هو آخر من جمعها؛ ولذلك استوعب أكثر ما في كتب السابقين،