ويقال لهم أيضاً: محل الاختصاص في المال والعمل إذا لم تكن شركة، واشتراكهما في كسب العمل لا يعني أن أحدهما أخذ من الآخر ما كسبه، بل كل منهما أخذ من كسبهما ما يقابل عمله.
وقوله تعالى: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ (البقرة: ٢٨٦) يعني من الثواب والعقاب، بدليل شرع الشركات الأخرى، فإنها لا تخلو من عمل كما في شركة العنان، أو فيها عمل من جانب كما في المضاربة.
وقولهم فيها غرر لأنه لا يدري أيكسب أم يخسر، يقال لهم كذلك في شركة العنان لا يدري أيكسب أم يخسر، مع أنكم أجزتموها.
الترجيح:
بعد مناقشة أدلة الفريقين، يترجح لي جواز شركة الأبدان، وهو رأي جمهور الفقهاء، وذلك لقوة أدلتهم، ولأنه ليس فيها مفسدة، بل فيها مصلحة، وهي توسيع لأبواب الاكتساب للذين ليست لهم أموال، ولأن العمل أحد جهتي المضاربة وهي جائزة اتفاقاً، فجاز أن تعقد عليه الشركة هنا كما في المضاربة.
ومن صور هذه الشركة ما لو قال أحدهما: أنا أتقبل وأنت تعمل صحت الشركة، جعلاً لضمان المتقبل كالمال (١)، فلو اتفق مالك المصنع مع مهندس على أن يتقبل المالك الأعمال ويسلمها المهندس ليصلح عملها وقيمة العمل بينهما بالنصف أو نحو ذلك فهو جائز، لأن التقبل من صاحب المصنع عمل، وجعلاً لضمانه كالمال.