لعب الشيطان برؤوس الشيعة، أعداء الله، وأعداء ملائكته، وكتبه ورسله، فطعنوا في خير أمة أخرجت للناس، في الجيل الأول من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطعنوا في كمال القرآن وتمامه، وذلك بعد أن خلع إبليس عليهم عباءته، وصدق فيهم ظنه، وزين لهم سوء عملهم، ورأوه حسنا، وقال لهم: أنتم تحبون أهل البيت، ووالله للبيت وأهله براء منهم.
كذلك كانت فتنة المذاهب، والخلاف، والفرقة.
لقد نزل على الأمة كتاب واحد.
وأرسل الله لها نبيا واحدا.
وقال: " وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا ".
وقال: " وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ".
وقال: " فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ".
وترك النبي - صلى الله عليه وسلم - أمة، كانت خير أمة.
أليسوا هم الذين قال ربك فيهم " وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى ".
ثم شهد الله لهم فقال: " وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ".
ورحل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى، ورحل بعده الرجال الذين ما بدلوا تبديلا، والذين كانوا أحق بها وأهلها.
كل ذلك قبل أن يظهر عفن المذاهب، ويكتم أنفاسنا دخان الفرق.
لقد جاء بعد الخير شر، وأي شر.
وخلع الشيطان على هذه الفتنه عباءة أخرى، ورفع لها راية يدعو من أدبر وتولى.
وسمى المذاهب بأسماء ناس عاشوا حياتهم في الدعوة إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقاوموا طاعة الأئمة والسادة وكبراء القوم.
فأبى الخلف إلا التقليد الأعمى، وادعوا زورًا وبهتانًا على هؤلاء العلماء، فتقولوا عليهم ما لم يقولوا، ونسبوا لهم ما لا نسب لهم به، فقدوا قمصانهم من دبر!!.
فأصبحنا نسمع عن مذهب الإمام مالك، ومذهب الإمام الشافعي، ومذهب الإمام أحمد بن حنبل.
ونسمع الإمام أحمد يرى في المسألة كذا، وخالفه الإمام مالك فرأى كذا.
ولو تتبعنا المسألة لوجدنا أن الإمامين لا ناقة لهما في الأمر ولا جمل. ولم يقولا، ولم يعيدا.