بل هي أقوال مجموعة من المتأخرين، من الذين أدمنوا تعاطي الفرقة والخلاف، حتى سكرت أبصارهم، فهم يعمهون، ثم ألبسوا خلافهم وفرقتهم عباءة قالوا: هي للإمام أحمد، أو للإمام مالك، حتى يتمكن إبليس من الوصول إلى فرقة هذه الأمة، والى الفشل الناتج عن النزاع.
ونحن هنا نقتطف من أقوال الإمام أحمد نفسه، ما يكشف هذا الضلال، ويبين أن عقيدته، رحمه الله، كانت في إتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع كراهة شديدة لأقوال فلان وفلان، ورأي فلان وفلان.
- قال أبو داود - صاحب «السنن» -: سمعت أحمد يقول: ليس أحد إلا ويؤخذ من رأيه ويترك، ما خلا النبي - صلى الله عليه وسلم - «المسائل» صفحة ٢٧٦.
- وقال أبو داود: قلت لأحمد: الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ قال: لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء، ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فخذ به. «المسائل» ٢٧٦.
- وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا يعجبني رأي مالك، ولا رأي أحد. «المسائل» ٢٧٥.
وحذر الإمام أحمد، رحمه الله، من هؤلاء الذين غرهم بالله الغرور، فنبذوا كتاب الله، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - خلف ظهورهم، وجعلوا بدلا منهما الرأي والقياس، فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.
- قال ابن هانىء، عن الإمام أحمد قال: اترك رأي أبي حنيفة وأصحابه.
وقال أبو داود: سمعت أحمد ذكر شيئا من أمر أصحاب الرأي. فقال: يحتالون لنقض سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
- وقال الميموني: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، وسئل عن أصحاب الرأي، يكتب عنهم؟ فقال: قال عبد الرحمن، هو ابن مهدي،: إذا وضع الرجل كتابا، من هذه الكتب، أرى أن لا يكتب عنه الحديث.
قال أحمد: وما تصنع بالرأي، وفي الحديث ما يغنيك عنه.
نعم. وفي الحديث ما يغنيك.
هذه عقيدة هذا الإمام المحدث.
ففي الحديث الغنى، وهدى الله هو الهدى.
يقول الإمام أحمد: من دل على صاحب رأي، فقد أعان على هدم الإسلام. راجع كتاب ابن عبد الهادي، فيمن تكلم فيه الإمام أحمد - الفقرة (٥) -