للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الماشي لفضل الرّاكب عليه من باب الدّنيا فَعَدَّل الشرع (٧) بأن جعل للماشي فضيلة أن يبَدَّأ، واحتياطا على الرّاكب من الكبر (٨) والزَّهو إذَا حاز الفضيلتَين وإلى هذا المعنى أشار بعض أصحابِنَا وإذا تلاقى رجلان كلاهما مَارٌّ في طريق بَدَأ (٩) الأدنى منهما على الأفضل إجلالا للفضل وتعظيما للخير لأنَّ فضيلة الدّين مرعية في الشّرع مقدمة.

وأمّا بدء (١٠) المارّ للقاعد فلم أرَ في تعليله نَصًّا ويحتمل أن يجري في تعليله على هذا الأسلوب. فيقال إنّ القاعِدَ قد يتوقّع شرًا من الوارد عليه أو يوجس في نفسه خِيفةً فإذا ابتدأه بالسّلام آنس إليه، ولأن التصرف والتردد في الحاجات الدنيوية وامتهان النفس فيها ينقص من مرتبة الُمتَصَاوِنين والآخذين بالعزلة تورعا فصار للقاعدين مزيّة في باب الدين فلهذا أمر ببِدَايتهم أو لأنّ القاعد يشقّ عليه مراعاة المارين مع كثرتهم والتشوّف إليهم فسقطت البداية عنه وأمر بها المار لعدم المشقة عليه.

وأمّا بداية القليل للجماعة الكثيرة فيحتمل أيضا أن تكون الفضيلة للجماعة، وَلهِذا قال الشَّرع عليكم بالسواد الأعظم، ويد الله مع الجماعة فَأمر ببدايتهم لفضلهم أو لأنّ الجماعة إذا بدؤوا الواحد خيف عليه الكبر والزّهوّ فاحتيط له بأن لا يُبدأ وقد يحتمل غير ذلك لكن ما ذكرناه هو الذي يليق بما قدّمناه عنهم من التّعليل، ولا تحسن معارضة مثل هذه


(٧) في (ب) من باب عدل الشرع.
(٨) في (ب) من العُجْبِ والكبر.
(٩) في (ج) بدر الأدنى منهما الأفضل.
(١٠) في (ب) براءة.

<<  <  ج: ص:  >  >>