إنما يختص بنفي الفعل عنها وبإضافته إلى الله سبحانه، فمن قطع من الأطباء المنتحلين للإسلام على انبعاث الَجواهر بلابدّ فقد أخطأ في قطعه وإنّما التّحقيق ما قلناه من تفصيل موضع القطع والتّجويز، هذا القدر كاف فيما يتعلق بعلم الأصول.
وأمّا ما يتعلّق بعلم الفقه فإنّ الشرع ورد بالوضوء له في حديث سهل ابنِ حنَيفٍ لمّا أصيب بالعين عند اغتساله فأمر - صلى الله عليه وسلم - عائنه أن يتوضأ خرّجه مالك -رضي الله عنه- في الموطأ، وصفة الوضوء للعائن عند العلماء أن يؤتى بقَدحٍ من ماء ولا يوضع القدَح في الأرض فَيَأخذ منه غرفَةً فَيتَمَضمَض بها ثم يمجّها في القَدَح ثم يَأخذ منه ما (٥) يغسل به وجهه ثم يأخذ بشماله ما يغسل به كفّه اليمنى ثم بيمينه ما يغسل به كفّه اليسرى ثم بشماله ما يغسل به مرفقه الأيمن ثم بيمينه ما يغسل به مرفقه الأيسر ولا يغسل ما بَين المرفقين والكفّين ثم قدمه اليمنى ثم اليسرى ثم ركبته اليمنى ثم اليسرى على الصّفة المتقدّمة والرّتبة المتقدّمة وكل ذلك في القَدَحِ ثم دَاخِلة إزاره وهو الطرف المتدلّي الذي يلي حَقوَه الأيمن، وقد ظنّ بعضهم أنّ داخلة الإزار كناية عن الفرج، وجمهور العلماء على ما قلناه فإذا استكمل هذا صبّه خلفه من على رأسه وهذا المعنى مما لا يمكن تعليله ومعرفة وجهه وليس في قوّة العقل الاطلاع على أسرار المعلومات كلّها فَلا يَدفَع هَذَا أن لا يُعْقَلَ معناه.
وقد اختلف في العائن هل يجبر على الوضوء للمعيون أم لا؟ واحتجّ من قال بالجبر بقوله في الموطأ توضّأ له، وبقوله في مسلم إذا استغسِلتم