للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حارة وتكون عن غير مادّة أصلا، أو عن مَادّة باردة أو حَارّة دون الحرارة التي قدَّر فلا يكون الشفاء فَكَأنَّه - صلى الله عليه وسلم - تلافى بآخر كلامه ما قد يعَارض به أوّله بأن يقال لكلّ داء دواء، ونحن نجد كثيرا من المرضى يداوون فلا يَبْرَؤُونَ فنبَّه على أنَّ ذلك لفقد العلم بحقيقة المداواة لا لفقد الدّواء، وهذا تتميم حسن في الحديث وما قلناه واضح حتى نظمه الشعراء فقالوا: [الكامل]

والنّاس يَلْحَوْنَ الطِّبيب وإنّما ... غَلَطُ الطَّبِيبِ إصَابَةُ الِمقدَارِ

وأمّا الحديث الآخر وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - إن كان في شيء من أدويتكم خَير فَفِي شرَطَة محِجَم أو شرْبةٍ من عَسَلٍ أو لَذعَةٍ بِنَارٍ.

فإنّ هذا مِنَ البَديع عند من عَلِمَ صِنَاعَةَ الطّبِّ وذلك أنّ سائر الأمراض الامتلائِيَّة إنّما تكون دمويّة أو صفراوية أو سوداوية أو بلغمية، فإن كانت دمويّة فشفاؤها إخراج الدَّم وإن كانت من الثّلاثة الأقسام الباقية فشفاؤها بالإسهال بالمسهِل الذي يليق بكلّ خلط منها؛ فكأنّه - صلى الله عليه وسلم - نبّه بالعَسَل على المسهلات وبالحجامة على الفصد ووضعِ العَلَق وغيرهما مما (٢٩) في معناهما وقد قال بعض النّاس بأن الفَصد (٣٠) قد يدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: شرطة محجم، وإذا أعيا الدواء فآخِر الطب الكَيُّ فذكره - صلى الله عليه وسلم - في الأدوية لأنه يستعمل عند غَلَبةِ الطباع لقُوَى الأدوِيَةِ وحيث لا ينفع


(٢٩) مما ساقطة من (ج).
(٣٠) في (أ) القصد بالقاف وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>