الدّواء المشروب فيجب أن يتأمَّلَ ما في كلامه صلوات الله وسلامه عليه من هذه الإشارات.
وتعقيبه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: لا أحبّ أن أكتويَ إشارة إلى أن يؤخَّر العلاج به حتى تدفع الضرورة إليه ولا يوجد الشفاء إلَاّ فيه لما فيه من استعجال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعفَ من ألم الكيّ.
ثم نعود إلى الانفصال عما طعنت به الملحدة من المطاعن التي ذكرناها عنهم.
فنقول قَلَّ ما يوجد في عِلمٍ الافتقار إلى التَّفصِيل مثلَ ما يوجد في صناعة الطبّ حتى أنَّ الَمريض يكون الشيء دواؤه في هذه الساعة ثِم يعود داءً في السّاعة التى تليها لعارض يعرض له من غَضَبٍ يحُمي مِزاجه فينتقل علاجه، أو هَواءٍ يتغيرّ ينقل علاجه إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرةً فإذا وجد الشّفاء بشيءٍ ما في حالةٍ ما فلا يطلب به التشفّي (٣١) في سائر الأحوال في سائر الأشخاص، والأطبّاء مجمعون على أنّ المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السنّ والزَّمن والعادة والغِذَاء المتقدّم والتدبير المألوف وقوّة الطِّباع، فإذا أحطت بهذا علماً فينبغي أن تعلم أنَّ الإسهال يعرض من ضروب كثيرة لو كان كتابنا هذا كتاب طبّ لذكرناها لكن منها الإسهال الحادث من التّخم والهيضات والأطبّاء مجمعون في مثل هذا على أنّ علاجه بأن تترك الطّبيعة وفعلَها وإن احتاجت الى معين على الإسهال أعينت مادامت القوّة باقية، فأما حبسها فضرَر عندهم