وذَكرنا قضاءَه - صلى الله عليه وسلم - مع غضبه وقد نَهَى عن ذلك وذكرنا أنّه معصوم في الغضب والرّضا إلى غير ذلك من الأعذار التي ذكرناها وإنّما أذكّر تلك بهذه الجمل لتطالعها هناك.
١٠٨٠ - قوله:"جَاءَ رَجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا خَير البريَّةِ، فقَال - صلى الله عليه وسلم - ذَاكَ إبرَاهِيم"(ص ١٨٣٩).
قال الشّيخ وفّقه الله: قد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - أفضل من سائر المرسلين فيحتمل أن يكون هذا منه - صلى الله عليه وسلم - على جهة التّواضع واستثقهالاً لأن ينَادى بهذا. وقد كان إبراهيم عليه السلام من اّبائه - صلى الله عليه وسلم -، ويكره إظهار المطاولة على الآباء قد يكون فهِم من مناديه هذا المعنى، وأخبر في موضع آخر بكونه سَيِّدَ وَلد آدَمَ غَير قاصد التعاظم والتطاول على من تقدّمه - صلى الله عليه وسلم - بل ليبينّ ما أمره الله تبارك وتعالى، ببيانه، ولهذا عقب كلامه بأن قَال:"ولا فخر" ليزيلَ ما قد يظَنّ بمطلق هذا الكلام إذا أطلقه غيره من النّاس في نفسه، وقد يحتمل قوله ذاك إبراهيم قبل أن يوحى اليه بأنه هو خير منه.
فإن قيل: هذا خبر ولا يقع إلاّ صدقا (٣١) والنّسخ لا يصِحّ فيه فلا وجه لعذركم هذا، قلنا: قد يريد - صلى الله عليه وسلم - أن إبراهيم خير البريّة فيما يدلّ عليه ظاهر حاله عندي، وقد يقال: فلان خير قومه وأصلح أهل بلده: والمراد فيما يقتضيه ظاهر حاله، وقد مال إلى هذه الطريقة بعض العلماء في تفضيل الفاضل من الصحابة أنه تفضيل على الظاهر لا على القطع على الباطن، وقد تكون لإبراهيم فضيلة تميّز بها عن سائر الرسل ولكن نبيّنا