للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مع كثرة الغوائل من غير دليل ولا رفيق متعب، ومكد، فأدلة الطريق هم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء وقد شغر منهم الزمان ولم يبق إلا المترسّمون، وقد استحوذ على أكثرهم الشيطان. واستغواهم الطغيان، وأصبح كل واحد منهم بعاجل حظه مشغوفاً، فصار المعروف منكراً والمنكر معروفاً، حتى كان علم الدين مندرسا، ومنار الهدى في أقطار الأرض منطمساً" (١٣٦).

ولما كانت الحال على هذه الصفة في المشرق كما يراها الغزالي احتاج إلى أن ينصب لمريدي الآخرة عَلَمًا يهتدون به كي لا يضلوا ويصبحوا على ما قدموا نادمين حيث ضاعت الأعمال سبهللا لان الأعلام المهتدى بها قد ضلت وأضلت، وهم العلماء المتكالبون على الدنيا.

والعَلَم الذي نصبه هو كتاب الإِحياء فجعله صوى يهتدى به، فتتابع الخطوات في هدى ونور كما عبر عنه: "فأما علم طريق الآخرة وما درج عليه السلف الصالح مما سماه الله سبحانه في كتابه فقهاً وحكمة وعلماً وضياء ونوراً، وهداية، ورشدا فقد أصبح من بين الخلق مطوياً، وصار نسياً منسياً. ولما كان هذا ثلماً في الدين ملما، وخَطْبا مدلهما، رأيت الاشتغال بتحرير هذا الكتاب مهما، إحياء لعلوم الدين وكشفا عن مناهج الأئمة المتقدمين، وإيضاحاً لمناهل العلوم النافعة عند النبيئين والسلف الصالحين" (١٣٧).

ولعل المازري يرى أن طريق الخلاص كما يراه الفقهاء السلفيون وهو ما كان عليه علماء لمتونة الذين أمروا بإحراق الإِحياء واستحلفوا. الناس عليه لأنهم يرون أنه مخالف لما جرى عليه منهاج السنة منذ العهد النبوي ثم ما تمسك به مالك وأصحابه وبالأخص الأفارقة كسحنون الذي مثل المذهب المالكي في أجلى مظاهره وأتم صوره حتى أصبح ماثلاً للأعين في


(١٣٦) المصدر نفسه.
(١٣٧) المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>