للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن الأعرابي: تقول العرب عند إنكار الشيء: قفّ شعري واقشعر جلدي واشمأزت نفسي.

قال الشيخ وفقه الله: وإنكارها في هذا الحديث (٣١١) وفي غيره على من سألها عن الرؤية محملهُ عند أهل العلم على أنها إنما (٣١٢) أنكرت (٣١٣) الرؤية في الدنيا لا أنها ممن تحيل جواز رؤية الباري سبحانه كما قالت المعتزلة.

١٠٨ - وقوله - صلى الله عليه وسلم - حِينَ سَألَهُ أبُو ذرّ: هَلْ رَأيْتَ رَبَّكَ تعالى؟ قال: "نور أنَّى أرَاهُ" وفي نُسْخَةٍ أخرَى "نُورَانّي" (٣١٤). وفي طريق أخرى أن القائل قال له: "لو رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَسَألْتُهُ. فَقَالَ: وَعَنْ أيِّ شَيْءٍ كنتَ تَسألُهُ؟ قُلْتُ (٣١٥): هل رَأى رَبَّهُ؟ قال أبو ذر: سَألْتُهُ. فَقَالَ: رَأيْتُ نُورًا" (ص ١٦١).

قال الشيخ -وفقه الله-: إن قيل ظاهر الخبرين متناقض لأن الأول فيه: أن النور يمنع رؤيته، والثاني فيه: أن النور مرئي. قلنا: يصحّ أن يكون الضمير في قوله "أراه" عائداً على الله سبحانه، وقوله "نور أنّى أراه" يعني أن النور أعشى (٣١٦) بصري ومنعني من الرؤية، كما جرت العادة بإعشاء الأنوار الأبصار، ومنعها من إدراك ما حالت بين الرائي وبينه، فيكون انتهاء رؤيته - صلى الله عليه وسلم - إلى النور خاصة، وهو الذي أدرك؛ فإذا أمكن هذا التأويل لم يكن ذلك مناقضاً للخبر الآخر، بل هو مطابق له لأنه أخبر فيه أنه رأى


(٣١١) في (ب) "وانكار هذا في الحديث".
(٣١٢) في (ب) "إنما" ساقطة.
(٣١٣) في (ج) "أنكرت عليه".
(٣١٤) قال القاضي عياض: هذه الرواية لم تقع إلينا ولا رأيتها في شيء من الأصول.
(٣١٥) في صحيح مسلم "قال: وقد أثبت هاهنا الحديث بالمعنى".
(٣١٦) في (ب) و (ج) "أغشى" وكذلك قوله "باغشاء" في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>