قال الشيخ: وهذا الحديث الذي خَرَّج مُسْلم في هذا الباب أحد الأحاديث المقطوعة، وهو أيضاً من الأحاديث التي وهِمَ في روايتها (٢٣). وقد رواه عبد الرزاق في مصنفه:"عن ابن جريح قال أخبرني محمد بن قيس بن مخرمة أنه سمع عائشة تقول ... " الحديث. قال بعضهم: هكذا رُوِيَ لنا هذا الإِسناد من طريق الدَّبَرِيّ مقطوعاً لم يذكر فيه عبد الله بن كثير.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا لَكِ يا عائشة حَشْيَا رَابية".
قال الهروي: أي ما لك قد وقع الربو عليك، وهو الحشا، أي البهر، يقال منه: امرأة حَشْيَاءُ وحَشِيَة ورجل حَشْيَان وحَشٍ.
٣٧٠ - قوله:"أُتي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ فَلَمْ يُصَلّ عَلَيْهِ النَّبِيء - صلى الله عليه وسلم -"(ص ٦٧٢).
قال الشيخ -وفقه الله-: المخالف يقول بهذا، ومالك يجيز الصلاة على قاتل نفسه. ويصح حمل الحديث على أنه إنما ترك الصلاة هو بنفسه خاصة ليكون في ذلك ردعٌ للعصاة، كما لا يصلي الإِمام على من قتل في حدّ.
وأما الصلاة على المقتول في معترك العدوّ وغسله فساقطان عند مالك ثابتان عند غيره.
وفرق أبو حنيفة بين الغسل والصلاة فأثبت الصلاة وأسقط الغسل. واختلف أصحابنا لو كان الشهيد جنبا هل يغسل أم لا؟ وللشافعي أيضاً فيه قولان. فوجه قول من أسقط الصلاة ما رُوي:"أنّه - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَتْلَى أحُدٍ" وكان التحقيق يقتضي ترك الأخذ بهذا الحديث لأنه علّل ترك الصلاة عليهم بعلة معينة لا يعلم تعديها إلى سواهم من الشهداء وهي بَعْثُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ. وَلَوْنُ دَمِهم لَوْنُ الدَّمِ والرِّيح ريحُ المِسْك. والعلة إذا كانت