قال الشيخ -وفقه الله-: إذا قال لزوجته: أنت علي حرام، فاختلف أهل المذهب في ذلك. والمشهور أنها ثلاث تطليقات وينوى في أقل في غير المدخول بها خاصة. ولعبد الملك في المبسوط لا ينوى في أقل وإن لم يدخل. وعند أبي مصعب ومحمد بن عبد الحكم هى لمن لم يدخل بها واحدة والمدخول بها ثلاث. وذكر ابن خويز منداد عن مالك (أنها واحدة بائنة وإن كانت مدخولا بها. وحكى ابن سحنون عن عبد العزيز بن أبي سلمة)(٣٠) أنها واحدة رجعية.
وقد اختلفت أجوبة مالك وأصحابه في كتابات الطلاق فسلكوا فيها طرقًا مختلفة، ففي بعضها يحمل اللفظ على الثلاث ولا يُنَوَّى في أقل، وفي بعضها يُنوّى في أقل، وفي بعضها يحمل على الواحدة حتى ينويَ أكثر منها، وفي بعضها يُنوَّى قبل الدخول ولا يُنوَّى بعده، وفي بعضها فيمن لم يدخل بها واحدة وفي المدخول بها ثلاث.
هذا جملة ما يقولونه في ذلك، ويختلفون في بعض الألفاظ من أيّ هذه الأقسام هو. وتفصيل ذلك وذكر الروايات فيه وتعديد الألفاظ فيه طول، ولكنا نعقد أصلا يرجع إليه جميع ما وقع في الروايات على كثرتها ويعلم منه سبب اختلافهم فيما اختلفوا فيه.
ووجه تفرقتهم فيما فرقوا فيه، ووجه التنوية في بعض دون بعض: فاعلم أن الألفاظ الدالة على الطلاق إما أن تدل عليه بحكم وضع اللغة، أو بحكم عرف الاستعمال. أو لا يكون لها دلالة عليه أصلاً. فإن لم يكن لها دلالة عليه فلا فائدة في ذكرها ها هنا، وإن كانت لها دلالة عليه فلا يخلو إما أن تكون دلالتها عليه في اللغة أو في الاستعمال تتضمن البينونة والعدد كقولهم: