للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأجنة والطير في الهواء والسمك في الماء ثم رأيناهم أجمعوا على جواز بيع الجُبَّة وان كان حشوها مغيّبًا عن الأبصار ولو بيع حشوها على انفراده لم يجز، وأجمعوا على جواز إجارة الدار مشاهرة مع جواز أن يكون الشهر ثلاثين أو تسعا وعشرين. وأجمعوا على دخول الحمام مع اختلاف الناس في استعمال الماء وطول لَبثهم في الحمام وعلى الشرب من الساقي مع اختلاف عادات الناس فيه أيضًا (٢٥).

قلنا: يجب أن يفهم عنهم أنهم منعوا بيع الأجنة لعظم غررها وشدة خطرها، وَأن الغرر فيها مقصود يجب أن يفسد العقود. ولما رأيناهم أجمعوا على جواز المسائل التي عددناها قلنا: ليس ذلك إلا لأن الغرر فيها نزْر يسير غير مقصود وتدعو الضرورة إلى العفو عنه، فإذا ثبت هذا وصَحّ ما استنبطناه (٢٦) من هذين الأصلين المختلفين قُلنا: يجب أن ترد جميع مسائل الخلاف الواقعة بين فقهاء الأمصار في هذا المعنى إلى هذا الأصل، فمن أجاز قدر أن الغرر فيما سئل عنه غير مقصود وقاسه على ما تقدم، ومن منع قدر أن الغرر مقصود وقاسه على ما تقدم أيضًا.

وأما بيع الحَصَاة فاختلف في تأويله اختلافا كثيرا، وأحسن ما قيل فيه تأويلات:

منها أن يكون المراد أن يبيع من أرضه قدر ما انتهت إليه رمية الحصاة (٢٧)، ولا شك أن هذا مجهول لاختلاف قوة الرامي وعوائق الرمي. وقيل معناه: أيُّ ثوب وقعت عليه حصاتي فهو المبيع، وهذا أيضًا مجهول كالأول. وقيل معناه: أرم بالحصاة فما خرج كان لي بعدده دنانير أو دراهم، وهذا أيضًا مجهول.


(٢٥) في (أ) "مع اختلاف أيضا عادات الناس".
(٢٦) في (ب) "ووضح ما استنبطناه".
(٢٧) في (ب) "رمية بالحصاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>