للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأما أهل الظاهر النفاة للقياس فإنهم قصروا التحريم عليها وأباحوا التفاضل في سائر الأشياء سواها. وهذ بناء منهم على فاسد أصلهم في نفي القول بِالقيَاس. والرد عليهم مذكور في أصول الفقه.

وأما جمهور العلماء المثبتون للقياس فإنهم تطبوا لذلك معنى؛ فأمَّا مالك فإنه يعتقد أنها إنَّمَا حرم التفاضل فيها لأمرين: أما الذهب والفضة فلكونهما ثَمَنَيْنِ، وأما الأربعة المطعومة فلكونها تُدَّخَر للقوت أو تُصلح القوت، وقد قدمنا أن ذلك كلَّه مع تماثل الجنس.

وأمَّا الشافعي فوافقه على العلة في الذهب والفضة وخالفه في الأربعة، فاعتقد أن العلة كونها مطعومة.

وأما أبو حنيفة فخالفهما في الجميع واعتقد أن العلة في الذهب والفضة الوزن وفي الأربعة الكيل.

فخرج من مضمون ذلك أن مالكا تطلب علته فحرم التفاضل في الزّبيب لأنه كالتمر في الاقتيات، وحرم التفاضل في القطنية لأنها في معنى القمح والشعير في الاقتيات، ويرى أن العلة الثَّمَنِية لم يتفق وجودُها إلَاّ في الذَّهب والفضة ولو اتفق أن يجيز الناس بينهم الجلود لنهى عن التفاضل فيها، وأما الشافعي فتطلب علته فحرم التفاضل في كل مطعوم، وأبو حنيفة يحرمه في كل مكيل أو موزون.

فأما مالك فإنه استلوح ما قال لأجل أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - لو أراد الكيل أو الوزن (١٥) لاكتفى (١٦) بأحد هذه الأربعة في الكَيْل ولا تظهر للزيادة على الواحد فائدة. وكلامه - صلى الله عليه وسلم - كله فوائد لا سيما في تعليم الشرائع


(١٥) في (ب) و (ج) "والوزن".
(١٦) في (أ) "لا اكتفى" وفي (ج) "اكتفى".

<<  <  ج: ص:  >  >>