للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعد إصلاحها وإذا لم تكن مصلحةً تكاد أن تلحق بالعلم الذي لا ينتفع به في القوت أعطى ما لا قوام لها إلا به حكمها. ونبَّه بالملح على ما سواه مما يَحُلُّ محلّه في إصلاحها لأنه لا يقتات (٢٤) منفردا ولكنه يجعل ما ليس بقوت قوتا.

وأما الشافعي فإنه استلوح ما ذهب إليه من قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر: "الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلاً بِمِثْلٍ" (ص ١٢١٤)، فيقول: إني وإن لم أزاحمكم في تطلب التعليل فإن عموم هذا نص مذهبي، وإن زاحمتكم فيه فإنه يشير إلى ما قلت لأنه عَلَّقَ الحكم بالطعام وهو مشتق من الطعم ومعنى الاشتقاق هو علة الأحكام.

وأما أبو حنيفة فإنه سلك أيضًا قريبا من هذا المسلك فقال: فإن عامِل خيبر لما باع الصاع بالصاعين أنكر ذلك (٢٥) - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تفعلوا ولكن مثلا بمثل وبيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا، وكذلك الميزان". ومعلوم أنه لم يرد نفس الميزان وإنما أراد نَفْس المَوْزونِ فكأنه قال: وكذلك الموزون (فيقول أيضًا: إنْ لم أزاحم في التعليل استدللت بعموم قوله: وكذلك الموزون) (٢٦). وإن زاحمتكم فيه كان ذكر الوزن مشيرا للعلة.

وقال أصحابنا في الرد عليه: إن علته تجيز الرّبا في القليل الذي لا يتأتى فيه الكيل وعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - "البر بالبر" الحديث يوجب منع الربا فيه فقد صارت العلة أُخذت من أصل ينقضها عمومه، وذلك مِمَّا يبطل العلل، هذا الكلام في الربا في بياعات النقد.


(٢٤) في (ج) "يقتات" فـ (لا) ساقطة وهو تحريف.
(٢٥) في (ج) "ذلك" ساقطة.
(٢٦) ما بين القوسين تكرر في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>