للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنْ تكون صدقة لأكلها. فلما كانت الصدقة محرمة عليه وشك هل حصل هذا التحريم هو هذه التمرة؟ (٦٢) تركها ولحقت بالمشتبهات.

وهذا إذا كان الاشتباه من جهة أصول الشرع بعد نظر صحيح فيها أو في القسم الأخير الذي ذكرناه مع فقد أصول يُرد إليها، وعدم أمارات وظنون يعول عليها؛ وأما إذا كان الأمر بخلاف ذلك فليس من الوَرع التوقف بل ربّما خرج بعضه إلى ما يكره.

وبيان ذلك بالمثال أن من أتى إلى ماءٍ لم يجد سواه ليتوضأ منه فقال في نفسه: لعل نجاسة سقطت فيه قبل أن أرد عليه وامتنع من الطهارة به (٦٣)؟ فإن ذلك ليس بممدوح وخارج عما وقع في الحديث لأن الأصل طهارة المياه وعدم الطواري واستصحاب هذا كالعَلَم الذي يظن منه (٦٤) أنه لم يسقط فيه شيء مع أن هذه الفكرة إذا مرّ معها تكررت ولم يَقِفْ عند حَدٍّ وأدى ذلك إلى انقطاع عن العبادات.

وكذلك لو أن إنسانًا اشتهى النساء ثم قال. لعل في العالم من رضع معي فلا يلقى امرأة إلا والعقل يجوّز ذلك فيها إذا كانت في سن يمكن أن ترضع معه فاجتنب جميع النساء لهذا الخاطر الفاسد لم يكن مصيبا، كمثل ما قلناه في الماء من استصحاب الحال في عدم هذه الأمور، وما يقع من الضرر بالإِصغاء إلى هذه الخواطر قد يتسع فيه الخرق فقد صارت الشكوك التي لا أصول لها وتتكرر في نفسه (٦٥) ويعظم الضرر بالمرور على موجبها ساقطةً في الشرع حتى كانت المداواة عند بعض الفقهاء.


(٦٢) في (ج) "في هذه الثمرة".
(٦٣) "به" ساقطة من (ج).
(٦٤) "منه" ساقطة من (ج).
(٦٥) في (ج) "على نفسه".

<<  <  ج: ص:  >  >>