فمن استدل بها لبيان حكم وكيفية صفة فريضة الحجاب يكون قد خلط الأمر وبدأ طريقه خطأً فكلما سار على هذا الأساس بَعُد عن الصواب فكان مؤداه لأخطاء وتناقضات أكثر وأكبر، فهو جعل التفصيل والبيان والرُخص التي في سورة النور ومنه الاستثناء في قوله تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} هو الأصل العام والتشريع الأساسي لفريضة الحجاب ونسي أنها متأخرة وأنها استثناء والاستثناء لا بد وأن يأتي بعد أصل عام ومقرر سلفاً وصفه وحدوده وهو المستثنى منه فعليهم أن يرجعوا لأصل المسألة وأول ما نزل فيها حتى يفهموا المستثنى من ذلك تحديداً والغاية والمراد من ذلك الاستثناء كما أراده الله تعالى.
فقد نزلت قبلها آيات كما في سورة الأحزاب ما كان لهم أن يغفلوا عنها والتي حسمت وحددت الزينة التي يجب سترها وأمرت بتغطية المرأة لزينتها ومن ذلك وجهها كما عليه إجماع الصحابة والتابعين وعلماء أهل التفسير جميعاً كما سننقله عنهم قريباً بالتفصيل.
والآن ولكي نعرف حقيقة مسألة فريضة الحجاب علينا أن نحدد أول الآيات نزولاً في ذلك حسب تاريخ وأسباب النزول ثم نرتب آياتها ليتبين لنا الصواب في المسألة وحتى لا تتعارض معنا الآيات والأحاديث وتفاسير الصحابة، وحتى ندرك معنى كل آية حسب مراد الله ومراد رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومراد صحابته الكرام.