ومن بعدهم في التفسير، جعلهم يتسرعون فيحرفون ويبدلون - دون قصد - كلام الطبري عن مقصده ومراده.
اختلاف ألفاظ السلف في التفسير غالباً ما يكون اختلاف تنوع:
والمعروف أن ألفاظ السلف في التفسير واختلافهم غالبا هو من باب خلاف التنوع، لا من خلاف التضاد؛ لأن خلاف التضاد: هو أن يكون بين القولين تضاد، أي: لا يمكن اجتماعهما، وأما خلاف التنوع: هو أن تكون ألمادة المستعملة تختص في قول ما لا تختص في القول الآخر، بمعنى أن صاحب القول الأول يذكر وجهاً من المعنى لا يذكره صاحب القول الثاني، وصاحب القول الثاني يذكر وجهاً من المعنى لا يذكره صاحب القول الأول، ويكون المعنى الأول والثاني كلاهما صحيح، ويحصل التمام باجتماعهما. وغالب ما يكون خلاف التنوع في كلام السلف هو في التفسير، فإن الناظر في كتب التفسير كتفسير ابن جرير وهو أخص كِتاب في المأثور يرى أن أقوال الصحابة والتابعين، ولا سيما من اشتغل منهم بالتفسير فيها اختلاف كثير، وعامةُ هذا الاختلاف إما لفظي وأما تنوع، بمعنى: أن يذكر أحدهما معنى، ويذكر الآخر معنى آخر، لكن يمكن اجتماعهما، ويكمل أحدهما الآخر.
فمن لم يفهم منهجهم ويعرف طريقتهم نسب إليهم الاختلاف إما لمجرد قول الناقل عنهم (واختلفوا) وإما لما يراه من أقوال السلف المختلفة ظاهراً في تفسيرهم للآية، فيظنهم يقصدون اختلاف التضاد، فيحرف ويبدل كلامهم بغير قصد كما في فريضة الحجاب.