كثيراً ما نجد أهل السفور - هدانا الله وإياهم - ينقلون للعوام قول القاضي عياض رحمه الله:(قال العلماء رحمهم الله تعالى: وفي هذا حجة على أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة مستحبة لها، ويجب على الرجل غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض شرعي) انتهى.
وكلام القاضي هو في حال عدم وجود الرجال، وهذا خلاف قديم جداً بين العلماء، وهو فيما إذا كان يجب على المرأة أن تستر وجهها لمجرد أن خرجت في طريقها وهي تعلم خلوه من إمكان نظر الرجال لها؟ أم أن واجب الستر ليس لذاته وليس على كل حال وإنما هو واجب فقط عند تحققها من وجود الرجال الأجانب والذين يمكنهم أن ينظرون لها؟
وهذا خلاف قائم كما قلنا قديماً بين العلماء، وسنأتي هنا لبيانه بإسهاب إن شاء الله تعالى، ولهذا كان من أسباب اختلاف بعض المتقدمين في كون الوجه والكفين من العورة أم لا؟ هو مثل هذا التأصيل حيث كان اعتراضهم على من قال أن الوجه والكفين عورة، أن ذلك يستلزم من المرأة ستره على كل حال، والذي جاء هو الأمر بالستر من أعين الرجال فقط، ففي عدمهم أو عدم تمكنهم من النظر لها انتفاء للفتنة والشهوة، والتي هي علة وجوب الستر عندهم، ولهذا قالوا معترضين